التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المشاركات

عرض المشاركات من 2018

هل تسمع هذه الموسيقى ...

شعر: كلارا خانيس نادال   ترجمة عبد اللطيف شهيد هل تسمَع هذه الموسيقى التي تخترقُ كنورٍ الظلامَ  بينما العتمة  تلتفُّ وأنا معها؟ بأي قوة يُفتح المَمر  ويصلُ إلى مكاني الأقصى المُسَوَّر بالظلال !  لكن النبض الذي يتدفَّق هناك لا أحدٌ يسمعه .

نيرودا ومترجمه العربيّ: الاغتصاب بطريقة شاعرية!

حسام الدين محمد يقوم الشاعر التشيلي الأشهر بابلو نيرودا حسب النص الإنكليزي لمذكراته بالإمساك بمعصم فتاة من وجرّها إلى سريره وتعريتها وممارسة الجنس معها من دون إرادتها، وهو ما ينطبق عليه تعريف الاغتصاب. غير أن الأسوأ من ذلك كان أمراً انتبه له الروائي والكاتب المصري شادي لويس بطرس حين قارن طريقة ترجمة الحادثة المذكورة في مذكرات نيرودا المكتوبة بالإسبانية في نسختين، الأولى أنجزها محمود صبح بالعربية (بعنوان: «أعترف بأنني قد عشت»)، والثانية قام بها هاردي سانت مارتن بالانكليزية (بعنوان: «مذكرات – بابلو نيرودا»). يقدّم النصّان عملية العنف الجنسيّ التي قام بها نيرودا مع خادمة من الطبقة الدنيا في سيلان (سريلانكا الحاليّة) حين كان قنصلا لبلاده هناك، والمفاجأة التي يكشفها بطرس هي قيام المترجم العربيّ ببعض التحريف والإضافات التي يمكن تأويلها على أنها إضفاء لطابع تجميليّ للاغتصاب (إضافة للتجميل الذي قام به نيرودا نفسه!).

يوم الخزي

ريك بارتو/ فنان أميركي من السكان الأصليين إدواردو غاليانو ترجمة:  خالد الريسوني (تحتفل إسبانيا في 12 من تشرين الأول/ أكتوبر من كل سنة بعيد وطني تطلق عليه يوم الهسبنة، وهو اليوم الذي يصادف تاريخ "اكتشاف" كريستوف كولومبوس للقارة الأميركية، لكن سكان القارة وعلى الأخص منهم أولئك الذين درسوا بعمقٍ فظائع التاريخ الدموي للإسبان في أميركا اللاتينية، يعتبرونه يوم حداد لكون الغزاة قاموا بدحر معالم ثقافة متجذرة وارتكبوا جرائم رهيبة باسم الدين والتفوّق الحضاري ذريعة لنهب ثروات الشعوب.    الكاتب الأوروغوايي إدواردو غاليانو، صاحب الشرايين المفتوحة لأميركا، في هذا النص المأخوذ من كتاب "أن تكون مثلهم" وفي غيره يشرّح بسخرية سوداء مهزلة الاحتفال بيوم الهسبنة الذي يعتبره يوما للخزي.)

الرّسالة

الرّسالة إلينا بونياتوسكا أَمُور (المكسيك) * ترجمها: توفيق البوركي (المغرب) مراجعة: منار الصّلتية (سلطنة عمان) ** جئتُ، يا مارتين، ولم تكن موجودًا. جلستُ على درجة سلّم منزلك مستندة إلى الباب وأفكّر أنّه في مكان ما من المدينة، وعبر موجة هواءٍ عابرة، عليك أنْ تشعر بي هنا. ها هي حديقتك الصغيرة؛ حيث شجرة الميموزا تتدلى إلى الخارج فيكسر الأطفال، حين مرورهم، الأغصان التي تطالها أيديهم...أرى أزهارًا، زُرعتْ في الأرض وحول السّور، مستقيمة ومتجهّمة، ولها أوراق كَنِصَال السّيوف. زرقاء في لون البحر، على هيئة جنود؛ إنها أكثر جدّية وأكثر وقارًا. أنت أيضًا جنديّ، تسير على درب الحياة: واحد، اثنان، واحد، اثنان... كل شيء في حديقتك صلب، مثلك، وفيه من القوّة ما يوحي بالثّقة.

المترجم السوري معاوية عبد المجيد ينال جائزة "جيراردو دا كريمونا الايطالية " للترجمة 2018

ترجمات-متابعة: اختارت لجنة «جائزة جيراردو دا كريمونا الدولية» لترويج الترجمة في حوض المتوسط، في دورتها المترجم السوري معاوية عبد المجيد (الميادين 1985) عن فئة المترجمين في جنوب المتوسط، وسوف تقام حفلة التكريم في مدينة كريمونا الإيطاليّة (مسقط رأس المترجم جيراردو دا كريمونا) في 6 تشرين الأول (أكتوبر) الحالي . درس معاوية عبد المجيد الأدب الإيطالي في جامعة سيينا الإيطالية، وفي قسم الترجمة الادبية في جامعة بولونيا، ثم اتجه إلى الترجمة من الإيطالية إلى لغة الضاد، وخلال سنوات قليلة أهدى المكتبة العربية أكثر من 15 رواية، أبرزها «ظل الريح»، و«لعبة الملاك» لكارلوس زافون، و«صديقتي المذهلة» لإيلينا فيرانتي، و«بيريرا يدّعي» لانطونيو تابوكي، و«كلهم على حق» لبابلو سيرانتينو، و«ابنة البابا» لداريو فو، و«اليوم ما قبل السعادة» لإنريكو دي لوكا، و«1900 – مونولوج عازف البيانو في المحيط» لألِساندرو باريكو .  وقد فاز بالجائزة هذه السنة أيضا كل من: - إيزابيلا كاميرا دافليتو / عن فئة المترجمين شمال المتوسط . - أكاديمية لاتينيتاتي فوفيندي / عن فئة المؤسسات شمال المتوسط . - أما الجائزة الر

دَين الترجمة

  مزوار الإدريسي يبدو أننا لا ننتبه، في حياتنا اليومية، إلى اكتساح  الترجمة  لمعيشنا؛ فبغضّ النظر عن القراءة حيث تبرز الترجمة أجلى وأوقع، ننسى أنّ البرامج التلفزية المتنوعة والأفلام السينمائية و الأخبار   الإذاعية والإعلانات كلّها تحمل بصمة الترجمة، لكننا لا نجرؤ، أو ربما نغفل، أن نطرح بصددها ذلك السؤال الممل بصدد منسوب الخيانة فيها أو استحالة الوفاء في مُنجَزِها.

اِلتزامات قصة قصيرة لأندريس ريفيرا

اِلتزامات أندريس ريفيرا (1928-2016)   ترجمة: توفيق البوركي (المغرب) ما زلت إلى الآن أتذكّر ذلك المساء، حين لمحتُ وأنا مارّ على رصيف الميناء شيئًا يلمع داخل سلّة مهملات صغيرة. وبفضول مبرّر في طبعي بوصفي هاوي التقاط الأشياء، انحنيت لأخذه ومن ثمّ فركته بطرف حقيبتي. وهكذا استطعت أن أتبيّن أنّ الأمر يتعلّق بشِعار صغير من الفضّة تتخلّله رموز بدت لي غامضة لحظتئذ. وضعته في جيبي وعدت إلى المنزل دون أن أولي الأمر اهتمامًا كبيرًا. لم أستطع أن أحدّد بدقّة كم مرّ عليه من الوقت محفوظًا داخل جيب تلك السّترة، التي لم أكن أستعملها إلاّ فيما ندر. ما أتذكّره فقط، أنّني أرسلتها في إحدى المناسبات للتّنظيف. ويا للمفاجأة الكبيرة حين أعادها إليّ المستخدم نظيفة ومعها علبة صغيرة، وهو يقول: "من المفترض أنها لك، فقد وجدتها في جيب سترتك". وقد كان ما بداخلها، طبعًا، هو ذلك الشّعار. هذه الاستعادة غير المتوقّعة، حمّستني إلى

في النقد الترجمي: فضيحة الخضار والفواكه

زيد الرفاعي هذه  المقالة القصيرة هدفها التعرض سريعا لبعض الإشكاليات في الترجمة من اللغات الأُخرى إلى العربية، وعلى وجه الخصوص أهلية المترجمين لنقل النصوص الأجنبية ومدى قدرتهم على التعبير باللغة الأم، التي هي العربية. بمعنى آخر، تسعى هذه المقالة وبعجالة لتبيان ضعف الموارد اللغوية التي في متناول المترجمين مع سعتها في لغتهم. ومثل هذه الممارسات تُولد انطباعا، عند غير الواعين لغوياً، أن العربية تتقاصر في أداء عملية الترجمة التي تعني، بأبسط صورها، "التعبير بدقة وبصورة كاملة، عبر وسائل لغةٍ ما، عما عبرتْ عنه لغةٌ أُخرى بوسائلها اللغوية في إطار وحدة المضمون والشكل" 1 .  وتأسيساً على ذلكَ، لن نتطرق للجوانب النظرية للترجمة، وما أكثرها، ولا عن أهميتها كذلك. غير أننا نجد من المفيد التأكيد على أن الترجمة ببساطة هي دائما وفي المقام الأول عملية لغوية وإن علم اللغة هو القاسم المشترك والأساس لكل العمليات الترجمية؛ فضلا عن كونها عملية إبداعية: فن ذي أُصول علمية 2 . كانت الترجمة سبباً في دخول كثير من التراكيب الغريبة والأجنبية للعربية 3 . وبشكل عام، عبر الترجمة تمر سلع مهربة كثير

ثلاث قصص قصيرة

تأليف: خوليو كورتاثار *     خطوط اليد من رسالة ملقاة على الطاولة يخرج خط يمرّ عبر لوح الصنوبر ويهبط عبر ساق. يكفي النظر جيداً لاكتشاف أن الخط يمضي عبر الأرضية الخشبية، يرتفع إلى السور، يدخل في صورة تستنسخ لوحة لـ «بوشيه»، يرسم ظهر امرأة مستلقية على الأريكة، وأخيراً يهرب من الغرفة عبر السقف، وينحدر في سلسلة مانعة الصواعق حتى الشارع. من الصعب ملاحقته هناك بسبب حركة المرور، ولكن ببعض الانتباه سيُرى صاعداً عجلة الحافلة المتوقفة في الزاوية والتي تحمل الناس إلى الميناء. هناك يهبط عبر الجورب النايلون الكريستالي للمسافرة الأكثر شقرة، يدخل في منطقة الجمارك المعادية، ينحدر ويتعرج ويزحف حتى الرصيف الكبير، وهناك -لكن من الصعب رؤيته، فقط الفئران تتابعه للصعود على ظهره- يصعد إلى سفينة التوربينات الهادرة، يمضي عبر سطح الطلاء من الدرجة الأولى، يجتاز بصعوبة فتحة السفينة الأكبر المؤدية إلى الأسفل وفي إحدى المقصورات، حيث يجلس رجل حزين يستمع إلى صفارة الرحيل، يرتفع عبر خياطة البنطلون، عبر السترة المطرزة، ينزلق حتى الكوع وبجهد أخير يأوي إلى كف اليد اليمنى، والتي في تلك اللحظة تبدأ في الانغلاق

مفكرة المترجم: مع أماني فوزي حبشي

أماني فوزي حبشي: مترجمة مصرية من مواليد القاهرة عام 1968، وتقيم حالياً في المملكة المتحدة. من ترجماتها: "بندول فوكو" لأومبرتو إيكو، وثلاثية "الفسكونت المشطور" و"البارون ساكن الأشجار" و"فارس بلا وجود" لـ إيتالو كالفينو، و"العبودية في العصر الحديث" لـ باتريسيا ديلبيانو، و"سبارتاكوس" لـ آلدو سكافونه، و"القبعة ذات الأجراس" للوجي بيرانديللو، و"صوت منفرد" لسوزانا تامارو.

هل حالتي مستعصية يا دكتور؟

هل حالتي مستعصية يا دكتور؟ *   ¿Es muy grave, doctor? قصّة: خوان خوسيه مِيّاس (إسبانيا) ترجمة: أحمد عبد اللطيف (مصر) في شبابي، شاركتُ فتاة في شقّة، وأوّل ما قالته لي إنّ غسل الأواني يُنهكها، وبالتّالي باتتْ هذه مهمّتي. بدا لي ذلك في البداية ثقيلاً، أعتقد لأنّي كنتُ أصِرّ على الانتهاء سريعًا، لكن بعد ذلك بات يروق لي، فكنت أغسل في السّاعة نفس عدد الأطباق التي يغسلها فرد عادي في نصف ساعة. أكثر ما كان يروق لي في هذا النّشاط أنّه كان يحفّزني ذهنيًّا في تلك الأثناء. وخلال عشر دقائق من تنظيف طاسة من الألومنيوم، كانت الخلايا العصبيّة تتصالح فيما بينها، وكنت أحلّ مشكلات كانت تستغرق على منضدة العمل أيّامًا. كان الدّعك يساعدني على الدّخول في حالة تركيز نادرة كنت أستفيد منها فوائد لا تصدّق. مع ذلك، كان يسيء رفيقتي أنْ تراني مستمتعًا بهذه الطّريقة، ثمّ بدأتْ تُفكّر أنْ تقتسم الشّقة مع شخص منحرف.

مغامرة ترجمة الشعر.. بين الاستحالة والإمكان

مغامرة ترجمة الشعر.. بين الاستحالة والإمكان محمد آيت ميهوب* مجمل المواقف الملتقية في رفض ترجمة الشعر تنطلق من مسلّمة أساسيّة مفادها أنّ المترجم لا بدّ أن يكون أمينا للنص الذي يترجم ولا تكون الأمانة إلاّ بمطابقة ترجمة النصّ الأصليّ في مبناه ومعناه. تمثّل قضيّة ترجمة الشعر أبرز القضايا المتعلّقة بالترجمة وأكثرها إثارة للنقاش بين أطراف متعدّدين من شعراء ونقّاد ومترجمين وقرّاء. وهي تكاد تستقطب كلّ جدل حول الترجمة الأدبيّة وتُتخذ عنوانا للموقف الذي يتبنّاه شخص ما من إمكان الترجمة أو استحالتها، ناقشها قديما هوراس والجاحظ، وناقشها حديثا ياكوبسون وميشونيك، وحولها تحوم مجموعة من المصادرات والأحكام المسبقة التي جعلت المواقف حيالها تتسم بطابع ثنائيّ: ففريق، وهو الأغلبيّة المطلقة، يميل أصحابه إلى رفض ترجمة الشعر لاعتقادهم أنّ نقل الشعر من لغة إلى أخرى أشبه بالسراب الخلّب، ويمثّل هذا الفريقَ النقّادُ وعلماء اللغة وعامّةُ القرّاء. أمّا الفريق الثاني، وهو قلّة، فيقرّ أصحابه بصعوبة ترجمة الشعر ولكنّهم لا يرون استحالتها.

مكالمة من وراء القبر

* مكالمة من وراء القبر Llamada de ultratumba قصّة: خوان خوسيه مِيّاس ترجمة: أحمد عبد اللطيف كان خطأ بالطّبع أنْ نُداري على ابننا موت جدّته، لكنّنا قرّرنا ذلك أنا وزوجتي عندما جاءنا خبر الكارثة. كلّ شيء كان سريعًا جدًّا، وكان مفاجئًا جدًّا كذلك، ولم يُتَح لنا الوقت لنتصرّف برصانة. حتّى بدأت المدرسة. كُنّا نتركه في بيت أمّي في وقت عملنا، وبالتّالي كان يحبّها جدًّا، مثلنا وربما أكثر منّا. فلم يكن سهلاً بالتّالي أنْ نشرح له اختفاءها. -هل نقول له الخبر أم لا؟ سألت زوجتي وهي تُهندم نفسها لتصحبني إلى محلّ تغسيل الموتى. -سننتظر لعدّة أيّام –قلت أنا-كلّ شيء لم يكن متوقّعًا. الجارة التي كانت تتكفّل به في الظّروف الطّارئة كانت خارج البيت، وبالتّالي قرّرنا أن نتركه وحيدًا. بيتنا على بُعد عشر دقائق من مغسل الموتى، بل ويمكن رؤيته من الشّرفة. سنتّصل به من آن لآخر وفي حالة حدوث شيء سيكون أحدنا أمامه في الحال.

قصائد من "ديوان موراريا": لهذا أُسامحك أيّها القارئ

ترجمة عن الإسبانية:  علي بونو ا في "ديوان موراريا"، يتأسّى الشاعر المكسيكي ماريو بوخوركيس* بالشاعر الإسباني  فيديريكو غارثيا لوركا  الذي أراد أن يُكرِّم شعراء غرناطة - آخر ممالك الأندلس - من خلال "ديوان تَماريت" والذي يدين باسمه لقرية نائية في ريف  غرناطة  كان لوركا يتردّد عليها وكان بها بستان لأحد أعمامه يُعتقد أنه المكان الذي ألهمه قصائد هذا الديوان الصادر سنة 1940 أي بعد أربعة أعوام على اغتياله. وما بين "ديوان موراريا" و "ديوان تماريت" ليس مجرد تماثل في رمزية المكان والعنوان فقط بل هو أكثر من ذلك بكثير. إن كلا الديوانين يمتحان من الشعر الشرقي عناصر عديدة سواء من حيث الشكل أو المضمون. فديوان لوركا يتألف من 21 نصاً، منها 12 غزالة ( Gacela ) و9 قصائد ( Casida ) وذلك سيراً على منوال الشعر العربي والفارسي، فالأولى (الغزالة) يُقصد بها القصيدة الغزلية تحديداً، أما الثانية فهي لفظة إسبانية من أصل عربي اختارها الشاعر عن وعي كامل وهو يريد بذلك تكريم الشعراء الأندلسيين. أما بالنسبة لديوان بوخوركيس فله نفس الشكل مع اختلاف عددي طفيف، فهو يتشك

حوار مع المستعربة الاسبانية روسا إيزابيل مارتينيث

حاورها: عبد الخالق النجمي تعتبر روسا إيزابيل مارتينيث ليو إحدى أهم المترجمات الإسبانيات المعاصرات عن اللغة العربية، عملت أستاذة في جامعة مدريد المستقلة في قسم الدراسات العربية والإسلامية، ونشرت العديد من الكتب والمقالات حول الترجمة والأدب العربي، وتعمل حاليا في جامعة مالقا. في هذا الحوار تسلط إيزابيل الضوء على العديد من القضايا المرتبطة بالأدب والترجمة وانشغالات البحث والحياة.

الضمـيـر

  الضمـــيــر قصة: آنا ماريا ماتوتي* ترجمها عن الإسبانية: توفيق البوركي** مراجعة: ذ. شادي روحانا***   لم تعد تتحمّل أكثر، كانت مقتنعة أنّها لن تستطيع مقاومة وجود ذلك المتشرّد البغيض. وقد قررت أن تنهي الأمر دفعة واحدة، مهما كانت العواقب، على أنْ تستمرّ في تتحمّل تسلّطه وطغيانه. فمنذ خمسة عشر يومًا وهي تعيش في أتون ذلك الصّراع. وما لم تفهمه هو تسامح أنطونيو مع ذلك المتشرّد. كلاّ: في الحقيقة، كان تصرّفه غريبًا. طلب المتشرّد المبيت لليلة واحدة: كان ذلك، تحديدًا، ليلة أربعاء الرّماد، عندما كانت الرّيح تضرب بقوة، جارّة معها أكوامًا من الغبار الأسود تصفع به زجاج النّوافذ مُحدثة صريرًا جافًّا. بعدها، هدأت الرّيح وساد هدوء غريب في الخارج. كانت تفكّر، وهي تغلق النّوافذ الخارجيّة: -هذا الهدوء لا يُعجبني. وبالفعل، لم تكد تحرّك مزلاج الباب عندما قدم ذلك الرّجل. سمعت صوته وهو ينادي، من وراء باب المطبخ الصغير: -يا صاحبة النُّزل... تملّك الهلع ماريانا. وجدته يقف هناك، شيخًا بثياب رثّة، ويمد قبّعته كالمتسوّل.

قصص لبرخيليو بينيرا

ترجمها عبد الله ناصر الجبل يبلغ ارتفاع الجبل ثلاثة آلاف قدم. وقد صممت على أن ألتهمه شيئًا فشيئًا. لا يختلف الجبل كثيرًا عن غيره من الجبال: أتربة، صخور، نباتات، حيوانات والقليل من البشر الذين يتسلقونه أو ينحدرون منه. أستلقي قبالته كل صباح وأشرع في مضغ ما يدنو من فمي، وعلى هذا النحو أواصل لبضع ساعات. ثم أعود منهكًا إلى البيت وقد تحطم فكّي. وبعد استراحةٍ قصيرة، أجلس على المدخل متأملًا الجبل على المدى الأزرق. فيما لو حدثت جاري بذلك، سوف ينفجر من الضحك وربما اعتقد أني مجنون. ولكني وقد توليت تلك المسؤولية بوسعي أن أرى بوضوح كيف يفقد الجبل حجمه وارتفاعه. في النهاية، سيعزو الجميع الأمر إلى اضطرابات جيولوجية. تلك هي مأساتي، لن يجد أحدهم الرغبة في الاعتراف بأني من قام بافتراس ثلاثة آلاف قدم من الجبل.

أدباء زمان (روبرتو بولانيو في بلانيس 1996-1999)

Enrique Vila-Matas إنريكي بيلا ماتاس ترجمة: شادي روحانا «هكذا، يا بلاش / القصة وما فيها هي أن تعرف كيف تقوم عن الحبال» — ماريو سانتياغو كتب أغوستو مونتِرّوسو وقال: عاجلًا أم آجلًا، إن مصائر الأديب اللاتينوأمريكي المُحتملة هي ثلاثة: إمّا المنفى، أو الحبس، أو القبر. عرفتُ روبرتو بولانيو في أواخر مرحلة الحبس، أي في أواخر الحقبة التي كان لا يزال فيها كاتبًا مجهولًا، منعزلًا، ومتوحدًا. عرفته في يوم 21 نوفمبر من العام 1996، في مدينة بلانيس، في حانة نوفو. إن نظافة المحل وديكوره، والذي يوحيك بأنك في مزرعة ألبان، يصُنِّفان الحانة على أنّها «حظيرة كاتالونية». لكن، الأشخاص مثلي سيجدون مستوى نظافة هذا النوع من المحلات بمستوى فظاعتها. ففي تلك الأيام، كنت لا أزال أفضّل السواد الغائم والمُستشري في الحانات الليلية الواسعة.

آمادو وساراماغو.. وبينهما البحر

جورج آمادو وخوسيه ساراماغو  د. محسن الرملي صدر مؤخراً، باللغتين البرتغالية والإسبانية، كتاب بعنوان (جورج آمادو وجوزيه ساراماغو.. وبينهما البحر)، يضم الرسائل المتبادلة بين أكبر كاتبين للرواية باللغة البرتغالية، وهما البرازيلي جورج آمادو (1912–2001) والبرتغالي، الحائز جائزة نوبل، جوزيه ساراماغو (1922–2010)، وقد تم إعداد وتقديم هذا الكتاب بالتعاون بين السيدة بالوما ابنة آمادو، وبين ريكاردو بييل من مؤسسة ساراماغو . جاء الكتاب صغيراً، في 120 صفحة، لأن صداقتهما جاءت متأخرة أصلاً، لذا دامت مراسلاتهما، وهما في شيخوختهما، خمسة أعوام، منذ 1992 وحتى 1997 تبادلا رسائل بريدية وأخرى عبر الفاكس، وفيها آخر ما كتبه آمادو قبل وفاته، وهي رسالة التهنئة التي وجهها إلى صديقه بمناسبة فوزه بجائزة نوبل عام 1998، هذه الجائزة التي كان لها نصيباً مهماً من الأحاديث وتبادل الآراء بينهما، وحلمهما بها، كما يكشف هذا الكتاب، حيث كانا يعربان عن انزعاجهما الشديد.. بل سخطهما وغضبهما لأنها تتجاهل الآداب المكتوبة باللغة البرتغالية .

المغربي إسماعيل العلاوي: أحاول تقديم شعرية جديدة في لغة سرفانتيس

حاوره: عثمان بوطسان يعتبر الشاعر والمترجم إسماعيل العلاوي من رواد القصيدة الإسبانية في شمال المغرب. فقد ولد في مدينة القصر الكبير، المعروفة بمدينة الشعراء، حيث أتم دراسته فيها، قبل أن ينتقل إلى مدينة تطوان. فالشاعر متخصص في اللغة والأدب الإسباني وحاصل على مجموعة من الدرجات الأكاديمية في التخصص نفسه، كما أنه يشتغل أستاذا للغة الإسبانية. هذا الارتباط الوثيق بالإسبانية يعتبر السبب الرئيسي في انكبابه على الكتابة الشعرية بلغة لوركا.

عقد الماس

قصة: خوان رولفو* ترجمة: محمّد م. الخطابي** تساقطت الأوراق، وعادت إلى السقوط مرّة، وأخرى، وأخرى... في سرعة يائسة لتدارك الموقف، وقف “ديونيزيو بنسون” الذي فقد في حيرة وتشوّش السيطرة على أعصابه . على وجهه كان يتصبّب عرق بارد من فرط يأسه، ثمّ سرعان ما بدأ هذا العرق يملأ كلّ جسمه، الآن أصبح يلعب وكأنّه أعمى دون أن يكسب ولو مرّة واحدة، وكان كلّما عاود اللعب إنّما كان يعود ليخسر المزيد فلم يشأ قطعًا الابتعاد عن "الأوراق" التي كان يضعها تحت كوعه كلما انتهى من توزيعها على مشاركيه في اللعب .

أدباء ومثقفون مغاربة وأجانب يحتفون بالكاتبة الإسبانية كريستينا لوبيث باريو بمدينة طنجة

ترجمات-متابعة احتضن فضاء المكتبة الاسبانية خوان غويتيسولو بمدينة طنجة التابعة لمعهد ثيربانتس، الأسبوع الماضي، حفل تقديم وتوقيع العمل الروائي " ضباب في طنجة " للكاتبة الاسبانية كريستينا لوبيث باريو . بحضور شخصيات وازنة سياسية وفنية وأدبية من مختلف الجنسيات .   وتدور فصول هذه الرواية في مدينة البوغاز حول محورين منفصلين وحقبتين مختلفتين: طنجة إبان الحماية الدولية عند سنوات الخمسينات وطنجة في الزمن الحديث سنة 2015.

الكاتب والشّاعر الإسبانيّ أنطونيُو غَالاَ: الأندلس كانت وما زالت الهواء الذي أتنفّسُه!

د.محمّد م. خطّابي   يقول الكاتب والناقد الإسباني خوسّيه إنفانتي: إنّ نوعية الأدب الملتزم الذي يكتبه الرّوائي والشاعر الإسباني الأندلسي المعروف أنطونيو غالا يجعله ينأى عن أيّ تكريم أو عن أية جائزة أدبية مرموقة رسمية في إسبانيا منذ سنوات عديدة خلت باستثناء جائزة بلانيتا التي حصل عليها بواسطة روايته المخطوط القرمزي ، التي تدور حول آخر ملوك بني نصر في غرناطة أبي عبد الله الصغير، ومعروف أنّ اختيار اللون القرمزي عنواناً لهذه الرّواية يرمز به غالا إلى الوثائق، والورق المُهرق، والقراطيس التي كانت تُستعمل في بلاطات قصور بني نصر بمدينة غرناطة، وعلى هذا الصّنف من المخطوطات الغميسة، كتب الملك أبو عبد الله الصغير مذكراته ويومياته، ومن ثمّ كان هذا العنوان الذي أراد غالا به أن يحتفظ أو أن يبرز في روايته اسمَه العربي القديم بعد اطلاعه على هذه المخطوطات، والمراجع، والمظانّ الأخرى التي لها صلة بالحقبة التاريخية التي تدور فيها أحداث هذه الرواية على إثر سقوط آخر معاقل الإسلام في الأندلس وهي غرناطة عام 1492 في يد الإسبان.

نيكانور بارّا: رقصة الشاعر المضادّ الأخيرة

نجيب مبارك لم تتأخّر رئيسة جمهورية تشيلى ميشيل باشليت في إعلان الحداد الرسمي في البلاد عقب وفاة نيكانور بارّا، آخر شعراء تشيلي الكبار وأحد "أعظم كتّابه عبر التاريخ"، فجرَ الثلاثاء عن عمر مئة وثلاثة أعوام (103).  فهذا الشاعر المعمّر والمشاكس، الّذي كان يصف نفسه بـ"الشاعر المضادّ"، يستحقّ مثل هذا التكريم وأكثر، ليس في بلاده فحسب بل وخارجها أيضاً، بالنّظر لمكانته الأدبية والشعرية العظيمة في الآداب اللّاتينية-الإسبانية خلال القرن العشرين، ولتأثيره الكبير على أجيال من شعراء اللّغة الإسبانية، من خلال مسار حياته وإبداعه الغنّي والفريد.

من أدب أمريكا اللاتينية: قائمة قراءة

شادي روحانا في القرن الماضي، عرف العالم العربي أدب أمريكا اللاتينية بزخم في لحظتين، لحظة «البووم»، أو الانفجار، في السبعينيات. حينها عرفنا الكولومبي غابرييل غارسيا ماركيز، والبيروفي ماريو بارغاس يوسا، والأرجنتيني خوليو كورتاثار. وصلَنا هؤلاء الأدباء عن طريق إسبانيا، أمّا كيف وصلوا إلى هناك فيعود ذلك إلى الواقع الذي عاشته إسبانيا في حقبة الجنرال فرانكو، إذ اضطر عدد كبير من الأدباء الإسبانيين المناهضين للفاشية إلى العيش في المنفى، وبالتالي إما لم تَعد بلادهم تنشرُ مؤلفاتهم علنًا، أو أنهم كانوا لا يريدون نشر أعمالهم في بلادهم كي لا يضفوا شرعية على جهازها الرقابي (كحال  خوان غويتسولو ، الحائز على جائزة سيرفانتس لعام 2014). وهكذا اتجهت دور النشر الإسبانية غربًا، نحو المستعمرات الإسبانية القديمة، بحثًا عن أعمال لكتّاب من أمريكا اللاتينية لملء الفراغ.

"مكالمات تليفونية" لروبرتو بولانيو..الوجه فوق القناع

طارق إمام   ضفة ثالثة في قصصه القصيرة، يبدو الكاتب التشيلي روبرتو بولانيو كما لو كان يلتقط أفكاره وشخوصه من قارعة الطريق، فقط ليتركها على قارعة الطريق.     ثلاث عشرة قصة يضمها الكتاب القصصي "مكالمات تليفونية" (دار بتانة، القاهرة) والذي ترجمته عن الإسبانية عبير عبد الحافظ، ليصبح أول كتاب يُقدم بولانيو "القاص" لقارئ العربية في عملٍ مكتمل، بعد أن تُرجم عدد من أبرز رواياته إلى العربية خلال السنوات القليلة الفائتة، مثل "التعويذة"، "ليل تشيلي"، و"المخبرون المتوحشون ".