التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المشاركات

عرض المشاركات من سبتمبر, ٢٠١٨

اِلتزامات قصة قصيرة لأندريس ريفيرا

اِلتزامات أندريس ريفيرا (1928-2016)   ترجمة: توفيق البوركي (المغرب) ما زلت إلى الآن أتذكّر ذلك المساء، حين لمحتُ وأنا مارّ على رصيف الميناء شيئًا يلمع داخل سلّة مهملات صغيرة. وبفضول مبرّر في طبعي بوصفي هاوي التقاط الأشياء، انحنيت لأخذه ومن ثمّ فركته بطرف حقيبتي. وهكذا استطعت أن أتبيّن أنّ الأمر يتعلّق بشِعار صغير من الفضّة تتخلّله رموز بدت لي غامضة لحظتئذ. وضعته في جيبي وعدت إلى المنزل دون أن أولي الأمر اهتمامًا كبيرًا. لم أستطع أن أحدّد بدقّة كم مرّ عليه من الوقت محفوظًا داخل جيب تلك السّترة، التي لم أكن أستعملها إلاّ فيما ندر. ما أتذكّره فقط، أنّني أرسلتها في إحدى المناسبات للتّنظيف. ويا للمفاجأة الكبيرة حين أعادها إليّ المستخدم نظيفة ومعها علبة صغيرة، وهو يقول: "من المفترض أنها لك، فقد وجدتها في جيب سترتك". وقد كان ما بداخلها، طبعًا، هو ذلك الشّعار. هذه الاستعادة غير المتوقّعة، حمّستني إلى

في النقد الترجمي: فضيحة الخضار والفواكه

زيد الرفاعي هذه  المقالة القصيرة هدفها التعرض سريعا لبعض الإشكاليات في الترجمة من اللغات الأُخرى إلى العربية، وعلى وجه الخصوص أهلية المترجمين لنقل النصوص الأجنبية ومدى قدرتهم على التعبير باللغة الأم، التي هي العربية. بمعنى آخر، تسعى هذه المقالة وبعجالة لتبيان ضعف الموارد اللغوية التي في متناول المترجمين مع سعتها في لغتهم. ومثل هذه الممارسات تُولد انطباعا، عند غير الواعين لغوياً، أن العربية تتقاصر في أداء عملية الترجمة التي تعني، بأبسط صورها، "التعبير بدقة وبصورة كاملة، عبر وسائل لغةٍ ما، عما عبرتْ عنه لغةٌ أُخرى بوسائلها اللغوية في إطار وحدة المضمون والشكل" 1 .  وتأسيساً على ذلكَ، لن نتطرق للجوانب النظرية للترجمة، وما أكثرها، ولا عن أهميتها كذلك. غير أننا نجد من المفيد التأكيد على أن الترجمة ببساطة هي دائما وفي المقام الأول عملية لغوية وإن علم اللغة هو القاسم المشترك والأساس لكل العمليات الترجمية؛ فضلا عن كونها عملية إبداعية: فن ذي أُصول علمية 2 . كانت الترجمة سبباً في دخول كثير من التراكيب الغريبة والأجنبية للعربية 3 . وبشكل عام، عبر الترجمة تمر سلع مهربة كثير

ثلاث قصص قصيرة

تأليف: خوليو كورتاثار *     خطوط اليد من رسالة ملقاة على الطاولة يخرج خط يمرّ عبر لوح الصنوبر ويهبط عبر ساق. يكفي النظر جيداً لاكتشاف أن الخط يمضي عبر الأرضية الخشبية، يرتفع إلى السور، يدخل في صورة تستنسخ لوحة لـ «بوشيه»، يرسم ظهر امرأة مستلقية على الأريكة، وأخيراً يهرب من الغرفة عبر السقف، وينحدر في سلسلة مانعة الصواعق حتى الشارع. من الصعب ملاحقته هناك بسبب حركة المرور، ولكن ببعض الانتباه سيُرى صاعداً عجلة الحافلة المتوقفة في الزاوية والتي تحمل الناس إلى الميناء. هناك يهبط عبر الجورب النايلون الكريستالي للمسافرة الأكثر شقرة، يدخل في منطقة الجمارك المعادية، ينحدر ويتعرج ويزحف حتى الرصيف الكبير، وهناك -لكن من الصعب رؤيته، فقط الفئران تتابعه للصعود على ظهره- يصعد إلى سفينة التوربينات الهادرة، يمضي عبر سطح الطلاء من الدرجة الأولى، يجتاز بصعوبة فتحة السفينة الأكبر المؤدية إلى الأسفل وفي إحدى المقصورات، حيث يجلس رجل حزين يستمع إلى صفارة الرحيل، يرتفع عبر خياطة البنطلون، عبر السترة المطرزة، ينزلق حتى الكوع وبجهد أخير يأوي إلى كف اليد اليمنى، والتي في تلك اللحظة تبدأ في الانغلاق