تأليف: خوليو كورتاثار*
خطوط اليد
من رسالة ملقاة على الطاولة يخرج خط يمرّ
عبر لوح الصنوبر ويهبط عبر ساق. يكفي النظر جيداً لاكتشاف أن الخط يمضي عبر
الأرضية الخشبية، يرتفع إلى السور، يدخل في صورة تستنسخ لوحة لـ «بوشيه»، يرسم ظهر
امرأة مستلقية على الأريكة، وأخيراً يهرب من الغرفة عبر السقف، وينحدر في سلسلة
مانعة الصواعق حتى الشارع. من الصعب ملاحقته هناك بسبب حركة المرور، ولكن ببعض
الانتباه سيُرى صاعداً عجلة الحافلة المتوقفة في الزاوية والتي تحمل الناس إلى
الميناء. هناك يهبط عبر الجورب النايلون الكريستالي للمسافرة الأكثر شقرة، يدخل في
منطقة الجمارك المعادية، ينحدر ويتعرج ويزحف حتى الرصيف الكبير، وهناك -لكن من
الصعب رؤيته، فقط الفئران تتابعه للصعود على ظهره- يصعد إلى سفينة التوربينات
الهادرة، يمضي عبر سطح الطلاء من الدرجة الأولى، يجتاز بصعوبة فتحة السفينة الأكبر
المؤدية إلى الأسفل وفي إحدى المقصورات، حيث يجلس رجل حزين يستمع إلى صفارة
الرحيل، يرتفع عبر خياطة البنطلون، عبر السترة المطرزة، ينزلق حتى الكوع وبجهد
أخير يأوي إلى كف اليد اليمنى، والتي في تلك اللحظة تبدأ في الانغلاق على مقبض
المسدس.
مسلك المرايا في جزيرة عيد الفصح
عندما يتم وضع مرآة إلى جهة الغرب في جزيرة
عيد الفصح فإنها تؤخر الوقت. وعندما يتم وضع مرآة إلى جهة الشرق في جزيرة عيد
الفصح فإنها تقدم الوقت. بقياسات دقيقة يمكن إيجاد النقطة التي يكون فيها الوقت
منضبطاً، لكن هذه النقطة التي تصلح لهذه المرآة ليست ضمانة أنها تصلح لأخرى،
فالمرايا تعاني اختلاف المواد وتنفعل كما يحلو لها. وهكذا فإن سالومون ليموس عالم
الأنثروبولوجيا، الحاصل على زمالة معهد جوجنهايم رأى نفسه ميتاً بالتيفود عند نظره
للمرآة وهو يحلق لحيته، كل هذا في الجانب الغربي من الجزيرة. في الوقت نفسه فإن
مرآة كانت منسية في الجانب الشرقي للجزيرة تعكس للا أحد (كانت ملقاة بين الحجارة)
سالومون ليموس ببنطلونه القصير وهو ذاهب إلى المدرسة، ثم بعد ذلك وهو في حوض
الاستحمام وأمه وأبوه يحممانه بحماسة؛ بعد ذلك وعمته ريميديوس تناغيه متأثرة في
إحدى مزارع منطقة ترينكي لاوكن.
جمل غير مرغوب فيه
قبلوا جميع طلبات العبور عبر الحدود، لكن
«جوك»، يتم إعلامه بشكل غير متوقع «غير مرغوب فيه». يذهب جوك إلى مركز الشرطة حيث
يقولون له إنه لا يمكن عمل شيء، عُد إلى الواحة، بإعلانك غير مرغوب فيك فليس هناك
من فائدة في إجراء الطلب. جوك الحزين يعود إلى ملاعب الطفولة. جمال العائلة
والأصدقاء يحيطون به، يسألونه ماذا حدث، غير معقول، ولماذا أنت على وجه الخصوص؟
حينئذ قام وفد إلى وزارة النقل للاستئناف، بعدد هائل من الموظفين ذوي الشهادات:
هذا لم يرَ من قبل، عودوا إلى الواحة على الفور وسوف ينظر في الأمر. يأكل جوك في
الواحة عشبا.
كل الجمال عبرت الحدود. جوك لا يزال ينتظر.
هكذا يمر الصيف والخريف. بعد ذلك يعود جوك إلى المدينة، يتوقف في ساحة فارغة. يتم
تصويره كثيراً من قبل السياح ويجيب عن أسئلة التحقيقات الصحفية. لجوك هيبة غامضة
في الساحة. يستغل الفرصة ليبحث عن مخرج، على البوابة يتغير كل شيء: يعلن غير مرغوب
فيه. يحني جوك رأسه، يبحث عن الكلأ النادر في الساحة. نادوا عليه في أحد الأيام
بمكبر الصوت ودخل سعيداً إلى مركز الشرطة وهناك يعلن «غير مرغوب فيه». يعود جوك
إلى الواحة وينام. يأكل قليلا من العشب وبعد ذلك يضع خطمه في الرمال. يبدأ في
إغلاق العينين بينما تغرب الشمس. من منخاره تخرج فقاعة تدوم ثانية واحدة أكثر منه.
Share
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*مفكر وأديب أرجنتيني
تعليقات
إرسال تعليق