زكريا عبد الجواد في العام 1989 حصل الروائي الإسباني كاميلو خوسيه ثيلا على جائزة نوبل في الآداب، بعد أن كان الروائي المصري نجيب محفوظ قد حاز عليها في السنة السابقة مباشرة . وقتها كان هذا الأمر مثيرًا للانتباه لأن العالم الذي كانت روايات "محفوظ" تدور فيه، كان يعنى بتفاصيل الحياة في مدينة القاهرة، في حين يدور عالم رواية "خلية النحل"، التي منحت ثيلا الجائزة نفسها، حول تفاصيل الحياة في العاصمة الإسبانية مدريد، رغم أن هناك فارقا لافتا هو أن روايات "محفوظ" تتحرك في فضاء الزمان التاريخي للقاهرة، في حين تتحرك جميع روايات ثيلا في الفضاء المكاني لمدريد . فالمكان في رواية "خلية النحل" لخوسيه ثيلا ظل قادرًا على إنتاج قصص تتماشى مع فترة تاريخية محددة، كانت فيها البيئة الاجتماعية تعاني من اضطرابات متلاحقة، تمكّن ثيلا عبر العناصر الروائية من رسمها لتظهر فيها الحوادث والشخصيات بوضوح، ولتظهر أيضًا العلاقات التي تربط بينها وبين الأمكنة المختلفة من فنادق ومقاهٍ وبيوت وشوارع لا تمنح الفرصة للعابر الذي اعتاد على المكان لتجاوز حدود "الخلية"، أو المدينة
قصة: خايمي بيلي * ترجمة عن الإسبانية : غدير أبو سنينة سيّارة أجرة تمرّ أمام جدارية في العاصمة البيروفية ليما، آذار/ مارس 2022 عند وصولي إلى مدينة الغبار والضباب (يقصد ليما)، أعلن أحد عناصر طاقم الطائرة عبر مُكبِّر الصوت، وبنبرة مُبتهجة، كأنّما ينقل لنا أخباراً طيّبة، أننا سنستخدم دَرَجاً قديماً للهبوط، وسنضطرّ لحمل أمتعتنا واستقلال الحافلة، لنمارس رقصة الكومبيا عند كلّ منعطف نمرّ به، حتى من دون وجود موسيقى في الخلفية: يا مرحباً بكم في الفوضى ! ما إن يصل المسافرون، حتى يسيروا بأقصى سرعة كأنهم يُشاركون في مسابقة رياضية، كأنّ هناك جائزةً تُمنح لمن يصل أوّلاً إلى مكتب ضابط الهجرة. والحقيقة أنّ أحداً لا يصل أوّلاً، إذ يُصادفهم طابور طويل عريض مُتعرّج، يزحف مثل أفعى تُحتضر. لا جوائز، الجميع معاقَب بسبب البطء المُستفزّ لمن ينفّذون القانون بلا مبالاة . بعد اجتياز عدّة ضوابط صارمة، يستقبلنا السائق بحذَر ويقودنا إلى الشاحنة المُدرَّعة، ذات النوافذ المُظلَّلة، يعرفُني باقي السائقين، يُحيُّونني بصُراخهم، يتبعونني، الحمقى، يعرضون علي خدماتهم، ويطلبون منّي بقشيشاً. أبدو لهم شخصاً فا