التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المشاركات

عرض المشاركات من 2009

طبيب قرويّ

قصة: فرانز كافكا   ** ترجمة: توفيق البوركي كنت في حيرة كبيرة من أمري، إذ عليّ أن أباشر سفراً مستعجلاً إلى إحدى القرى التي تبعد عنّي عشرة أميال حيث ينتظرني مريض يعاني داءً خطيراً. وقد جمّدت عاصفة ثلجيّة الطّريق الذي يفصل بيننا. أمتلك عربة، أقصد عربة صغيرة وخفيفة، ذات عجلات كبيرة، مناسبة تماماً لتقطع مثل طرقاتنا. التحفت معطفي الجلديّ، وأخذت حقيبتي وخرجت للفناء أنتظر وأنا على أتمّ الاستعداد للذّهاب، لكن ينقصني الحصان، فحصاني مات اللّيلة الماضيّة بعد أن أنهكه التّعب خلال ذلك الشّتاء الجليديّ. في أثناء ذلك، ذهبت الخادمة لتبحث عن حصان عند أهالي القرية، لكنّ مهمّتها باءت بالفشل، كنت أعرف النّتيجة مسبقاً، لكن رغم ذلك فقد تابعتِ المهمّة دون طائل، في حين بَقيتُ بلا حراك تحت الثّلج الذي يغطّيني بدثاره الثّقيل.

أحوال المرضى-2-

صارت العائلة تتعود على الوضع ، أما ماريا لاورا فقد كلفها ذلك كثيرا لكن في المقابل كان عليها فقط أن تأتي لزيارة أمي كل خميس. في أحد الأيام وصلت أولى رسائل من أليخاندرو.وقد قرأها لها كارلوس وهو جالس عند آخر السرير. أعجب أليخاندرو برثيفي كثيرا، و تحدث عن الميناء ،و عن بائعي الببغاوات وعن مذاق المرطبات، وعن فاكهة الأناناس و أثمانها البخسة، التي سال لذكرها لعاب العائلة، كما تحدث عن وجود قهوة حقيقية وذات رائحة. طلبت أمي أن ترى الظرف وقالت أن عليهم إعطاء الطابع لابن آل مارولدا هاو جمع الطوابع، رغم أنها شخصيا لا تحب أن يتعامل الأولاد مع الطوابع لأنهم بعد ذلك لا يغسلون أيديهم والطوابع قد لفت العالم كله. ­ـ يلعقونها بألسنتهم للصقها فتعلق بها الميكروبات وتتكاثر، وذلك شيء معروف. هكذا كانت أمي تقول دائما ­، لكن أعطوه له على كل حال، فهو يملك الكثير، واحد إضافي لن يصنع فرقا... في اليوم الموالي، نادت أمي على روسا وأملت عليها رسالة لاليخاندرو،تسأله فيها متى سيستطيع أخذ عطلة وما إذا كان السفر لا يكلفه كثيرا. كما وصفت له حالتها، وحدثته عن الترقية التي نالها كارلوس، وعن الجائزة التي حصل عليها أحد التلاميذ

أحوال المرضى -1-

النص للكاتب الأرجنتيني خوليو كورتاثر ترجمة: توفيق البوركي عندما اعتلت صحة الخالة كليليا بشكل غير متوقع، أصيبت العائلة بالارتباك، ولم يتمكن أحد لعدة ساعات من اخذ المبادرة و مناقشة خطة للتعامل مع الموقف، نفس الشيء ينطبق على الخال روكي الذي غالبا ما كان يجد الحل الصائب. اتصلوا بكارلوس في المكتب، في حين ودعت كل من روسا وبيبا تلاميذ البيانو والسولفيج،أما الخالة كليليا فانشغلت بأمي أكثر من انشغالها بنفسها؛ كانت متأكدة أن ما تشعر به ليس خطيرا، لكن ليس بإمكانهم أن يخبروا أمي انباءا سيئة بسبب مع ما تعانيه من سكري وضغط دم غير مستقر، زد على ذلك أنهم و بلا استثناء يعلمون بأن الدكتور بونيفاث كان أول من تفهم وأيد فكرة إخفاء ما حدث لاليخاندرو عن أمي.أما لو أجبرت الخالة كليليا على ملازمة الفراش، فمن الضروري إيجاد طريقة لا تشك معها أن الخالة مريضة، لكن مشكل أليخاندرو أضحى عويصا، والآن قد إنضاف هذا الأمر أيضا،فلو حدث أدنى خطأ سينتهي بها الأمر إلى معرفة الحقيقة. رغم أن المنزل كان كبيرا،فقد وجب الأخذ بعين الاعتبار سمع أمي المرهف وقدرتها المقلقة ، علي تخمين مكان كل واحد منا.كانت بيبا قد اتصلت بالدكتور بون

سلة المهملات

إهداء: إلى الصديق محمد أنديش لويس ماتيو ديث ترجمة: توفيق البوركي كنت قد رأيت، على اقل تقدير، سبعة أو ثمانية أشخاص، لا يوحي مظهر أحد منهم بأنه شحاذ، يُدخلون أيديهم في سلة مهملات كانت متبثة إلى عمود إنارة قريب من موقف السيارات حيث اترك سيارتي كل صباح. كان حدثا تافها، خلف عندي نوعا من البغض، لأنه من الصعب أن تطرد عنك صورة تلك العادة القبيحة خصوصا إذا فكرنا فيما يمكن أن تحويه سلة مهملات من مفاجآت قذرة.

إلى روح أمي

قصة: ماريو بنيدتي ترجمة: توفيق البوركي نعم يا سيدي، أنا أدعى إدواردو، سألتني لتفتح معي باب الحديث، و أنا أستطيع أن أفهم ذلك، لكنك منذ وقت طويل و أنت تعرفني، ولو عن بعد، كما أعرفك أنا أيضا، منذ الفترة التي بدأت تلتقي فيها أمي بمقهى لارانياغا وريفيرا، لا تعتقد بأنني كنت أتجسس عليكما، لا شيء من ذلك البتة، ربما تفكر بذلك، هذا لأنك لا تعرف كل القصة أو ربما لم تحكها لك أمي؟ منذ مدة و أنا أريد الحديث معك، لكنني لم أتجرأ، لذا فأنا أشكرك لأنك بادرت بذلك. هل تعلم لِم أتوق للحدث معك؟ لأن لدي انطباع بأنك رجل طيب، و أمي كذلك كانت إنسانة طيبة. في البيت، لم نكن نتكلم كثيرا فيما بينا، إما أن يسود الصّمت، وإلا فإنّ أبي هو من يأخذ زمام الكلام، لكنه ما أن يعود ثملاً، تقريبا في كل الليالي، حتى ينفرد بالكلام وحينئذ يبدأ بالصراخ .

شيء خطير جدا سيحدث في هذه القرية.

قصة: غابرييل غارثيا ماركيث ترجمة: توفيق البوركي تخيّل يا سيّدي قرية صغيرة، حيث تقطن سيّدة عجوز مع ولديها؛ ابن في السّابعة عشرة من عمره وابنة في الرّابعة عشرة. ذات صباح، كانت تقدّم لهما وجبة الإفطار وعلى محيّاها تبدو سيماء القلق والانزعاج. تساءل الابنان عمّا بها، فأجابتهما : – لا أدري، لكنّني استيقظت وعندي هاجس بأن أمراً جللاً سوف يحدث في هذه القرية . ضحك الابنان من أمّهما، وقلّلا من أهميّة ما قالت واعتبرا الأمر هواجس عجوز ليس إلاّ . ذهب الفتى ليلعب البليارد، وفي اللّحظة التي كان يستعد فيها لبدء اللّعبة، قال له لاعب آخر : – لن تربح اللّعبة، لذا أراهنك على “بيزو ”. ضحك الجميع بمن فيهم هو، فسدّد الكرة وأخطأ الهدف، فانسحب وأدى البيزو لصاحبه. فتساءل الباقون عن سبب إخفاقه رغم سهولة اللّعبة؛ فردّ قائلاً : – هذا صحيح، لكنّي منزعج بما حدّثتني به أمّي هذا الصّباح، قالت بأنّ شيئاً خطيراً جدّا سيحصل في القرية . سخروا منه جميعاً، بينما عاد الذي ربح البيزو إلى منزله مزهوّا بغنيمته، حيث سيجد أمّه مع حفيدتها أو أيّة قريبة أخرى . قال :  - لقد ربحت هذا البيزو من “داماسو” دون عن

الحدائق الموصولة

قصة: خوليو كورتاثر ترجمة: توفيق البوركي ومحمد أنديش كان قد بدأ قراءة الرواية قبل بضعة أيام، إلا أن أشغالا مستعجلة أجبرته على تركها؛ ثم عاد لتصفحها، في القطار، أثناء رجوعه إلى الضيعة. كان مستسلما لاهتمامه المتنامي بالحبكة وبرسم الشخصيات . ذاك المساء، وبعد أن أتم كتابة رسالة إلى وكيله وناقش مع رئيس الخدم مسألة تتعلّق العمل، عاد إلى قراءة الكتاب في هدوء مكتبه المطل على حديقة البلوط. استلقى على كرسيه الأثير، موليا ظهره إلى الباب، الذي يرى فيه مسببا محتملا للإزعاج؛ تاركا يده اليسرى تداعب بين الفينة والأخرى، القطيفة الخضراء، وانهمك في قراءة الفصول الأخيرة .