التخطي إلى المحتوى الرئيسي

آمادو وساراماغو.. وبينهما البحر

جورج آمادو وخوسيه ساراماغو 
د. محسن الرملي
صدر مؤخراً، باللغتين البرتغالية والإسبانية، كتاب بعنوان (جورج آمادو وجوزيه ساراماغو.. وبينهما البحر)، يضم الرسائل المتبادلة بين أكبر كاتبين للرواية باللغة البرتغالية، وهما البرازيلي جورج آمادو (1912–2001) والبرتغالي، الحائز جائزة نوبل، جوزيه ساراماغو (1922–2010)، وقد تم إعداد وتقديم هذا الكتاب بالتعاون بين السيدة بالوما ابنة آمادو، وبين ريكاردو بييل من مؤسسة ساراماغو.
جاء الكتاب صغيراً، في 120 صفحة، لأن صداقتهما جاءت متأخرة أصلاً، لذا دامت مراسلاتهما، وهما في شيخوختهما، خمسة أعوام، منذ 1992 وحتى 1997 تبادلا رسائل بريدية وأخرى عبر الفاكس، وفيها آخر ما كتبه آمادو قبل وفاته، وهي رسالة التهنئة التي وجهها إلى صديقه بمناسبة فوزه بجائزة نوبل عام 1998، هذه الجائزة التي كان لها نصيباً مهماً من الأحاديث وتبادل الآراء بينهما، وحلمهما بها، كما يكشف هذا الكتاب، حيث كانا يعربان عن انزعاجهما الشديد.. بل سخطهما وغضبهما لأنها تتجاهل الآداب المكتوبة باللغة البرتغالية.

صداقة الحكمة
كانت صداقة نُضج وشيخوخة، آمادو كان في الثمانين من عمره، ويصغره ساراماغو بعشرة أعوام. رجلان عركتهما تجارب الحياة والثقافة والمعرفة، حضيا وتمتعا بصداقة متأخرة، ولكنها مفعمة بالمحبة والرقة والثقة والحميمية والاحترام، كما يبين هذا الكتاب، حيث يجمع بينهما شغفهما وحبهما القوي للآداب واللغة البرتغالية، لغة فيرناندو بيسوا، وانتمائهما للشيوعية، إضافة إلى كونهما قد تميزا ككتابين عالميين مثيرين للجدل بطروحاتهما ومواقفهما وتباين التقييم لهما وانقسام الآراء حولهما.. ولكنهما، في الوقت نفسه، يحظيان بالاحترام الكبير عالمياً.
يذكر ساراماغو أنه قد رأى آمادو شخصياً لأول مرة، ذات صدفة عندما كان يقطع أحد شوارع مدينة سلفادور، ولكنه لم يستطع رؤية وجهه تماماً، وإنما فقط شعره الأبيض المميز، لأن الصحفيين كانوا يحيطون به، مما جعله يشعر بالحرج من الاقتراب من الكاتب البرازيلي الشهير، وبعد ذلك بعشرة أعوام، سنة 1990 تصادف وأن التقيا مرة أخرى، ولكن هذه المرة في روما، كأعضاء في لجنة تحكيم جائزة الاتحاد اللاتيني للآداب، والتي منحوها في ذلك العام للكاتب الأوروغواني خوان كارلوس أونيتي. وهناك، بعيدا عن وجود الصحفيين، تمكنا من التعارف الشخصي جيداً وتبادل الأحاديث الطويلة، فبدأت علاقتهما وصداقتهما العميقة الإنسانية والأدبية.. وان كانت في أغلبها علاقة مراسلات، ولم تتخللها إلا زيارات قليلة متبادلة بينهما.
تم ترتيب واختيار رسائل هذا الكتاب بعناية من بين الكثير من الرسائل والقصاصات البرقية المتبادلة، فالمعروف عن آمادو بأنه قد كان شخصاً منَظماً منذ شبابه وانتمائه للحزب الشيوعي.. وحتى في منفاه، لذا لم يتأخر في استثمار ماكنة الاستنساخ حال ظهورها، كي يترك أرشيفاً ثرياً من الرسائل والفاكسات وشتى مراسلاته، فحسب قول ابنته، إن مؤسسة دار جورج آمادو تحتفظ بما يقرب من سبعين ألف وثيقة مراسلة بين الأعوام 1930 وحتى عام 1998 ومن بينها مراسلاته مع كبار الأدباء كالتشيلي بابلو نيرودا والكوبي خورخه غيين والبرازيلي كارلوس دي آندراده.. وغيرهم.
انطباعات وتعليقات
في الخمسة أعوام التي تبادل فيها آمادو المراسلات مع ساراماغو، نجد انطباعاتهما عن الحياة، عالم النشر، سفراتهما، أفكارهما ومتاعبهما المهنية ككُتاب وبعض المشاكل المنزلية والعائلية ومتاعبهما الصحية بحكم تقدم السن، وكان أبرز ما فيها تعليقاتهما عن الجوائز والتكريمات التي حصلا عليها أو لم تأتهم بعد، فبشأن جائزة الكاموينز، وهي أكبر جائزة عالمية أدبية للكُتاب باللغة البرتغالية، كتب ساراماغوا لآمادو في شهر يوليو سنة 1993 "تلقينا الآن نبأ أن جائزة الكاموينز، قد ذهبت إلى راشيل دي كيروز.... لا نناقش القيمة الأدبية للفائزة.. وإنما الذي لا نفهمه، هو لماذا لجنة التحكيم تتجاهل بوضوح أو تتجاهل باستفزاز، إذا جاز القول أعمال جورج آمادو... إن هذه الجائزة ولِدت سيئة وتستمر بشكل أسوأ. الكراهية قديمة ولا تكل ولا تمل".
في سنة 1994 حصل آمادو على جائزة الكاموينز أخيراً، فهنأه ساراماغو على طريقته: «إن أسوأ ما في مسألة الجوائز هذه، أنها عادة ما تجلب معها طَعماً فيه شيئاً من المرارة، والكاموينز هي مثال على ذلك. كم من بؤس أخلاقي لايخفى على أحد! كم من الحسد! كم تَمني الموت للآخر! تتخفى خلف مظاهر الكثيرين، والذين في وقت ما، سوف يكونوا هم القضاة وقرار الحُكم... عندما تستلم الجائزة، فكر فقط بقرائك، فهم وحدهم الذين يستحقون العناء». وفي العام التالي حصل ساراماغو على جائزة الكاموينز أيضاً، فكتب: "لم يخطر ببالي أبداً في حياتي، أن يأتي يوم ويمنحونها لي، ولكن ها هي الجائزة لي، من حسن حظي وفرحي وفرح أصدقائي.. ومن سوء حظ وغضب بعض الزملاء الذين يُنكرون وجودي"
كان الكاتبان يتكيفان مع تطورات العصر، فتصل تحياتهما سريعاً بفضل الفاكس، والذي من كثرة استخدامه، يقال بأن جهاز الفاكس عند آمادو كان يُدخن أحياناً "فاكسنا في مدينة باهيا احترق يوم الأحد، كان مشهداً حميلاً: كان الفاكس يبدو كالبركان، ويكفي أن أخبرك، بأنه بالإضافة إلى الفاكس فإن الخبراء الكهربائيين، قد تمكنوا من تعطيل التلفزيونات الثلاثة والسكرتيرة الألكترونية وجهاز كمبيوتر والألعاب الألكترونية لحفيدي جورجينيو.. باختصار كان الأمر كارثة".
آنذاك كانت شهرة البرتغالي ساراماغو تتنامى سريعاً في البرازيل، فيُذكره صديقه آمادو بأن "هذه الشهرة لم يحظ بمثلها سوى فيريرا دي كاسترو من الكتاب البرتغاليين".
نوبل.. اختراع شيطاني
وكان غياب جائزة نوبل عن الآداب البرتغالية، وعنهما تحديداً، من المواضيع التي شغلت الكثير من مراسلاتهما ووحدت بينهما.. إلى الحد الذي تعاهدا فيه على: أنه في حال حصول أحدهما عليها، فسوف يدعو الآخر إلى حضور حفل تسلمها.
يقول ساراماغو: "منذ أعوام ولوبو آنتونيس يشيع بأن هدفه هو الحصول على نوبل، فيما نواصل نحن عيشنا بهدوء، ولكن لا شك أن هذه الجائزة هي اختراع شيطاني». وفي 1994 يكتب ساراماغو لصديقه «سوف نرى إن كانت الأكاديمية السويدية ستحسم أمرها هذه المرة»، فيرد عليه آمادو بعد يومين «كان لدي هذا الحلم عندما كنت شاباً، ولكنه لم يعد موجوداً الآن لحسن الحظ".
وفي سنة 1997 بعد أن تم الإعلان عنها دون أن ينالها أحدهما، يكتب ساراماغو:
"عزيزي جورج، ليس هناك ما يمكن فعله، إنهم لا يحبوننا، لا تعجبهم اللغة البرتغالية، ربما تبدو لهم غريبة... لا تعجبهم الآداب التي تفكر وتشعر وتكتب باللغة البرتغالية. ليس لديهم مقياس يكفي لقياس قامة طويلة لكاتب عملاق اسمه جورج آمادو، بالإضافة إلى آخرين أقل منه قليلاً، ومنهم أنا، كما يصنفني الرأي العام".
لابد لنا أن نتعلم فقدان الأمل وألا ننتظر أي شيء من استوكهولم، مهما تغزلوا بنا. إن تجربة الظلم، والتي لا بد وأنك قد تعرضت لها على مدار سنوات وسنوات، يفترض بها أن تحملك على هز كتفيك أمام هذه الاستفزازات السويدية المستمرة، ولكن بالنسبة للأشخاص أمثالي.. والذين يرون فيك البرازيل كلها متجسدة في أدب، هؤلاء يشعرون بالاحباط والغضب بسبب افتقار الإسكندنافيين للإحساس والاحترام، هذا الافتقار الذي لا علاج له.... وعلى أية حال، فسوف نواصل عيشنا وعملنا، وهذا هو المهم، أما ما عداه.. فهو مجرد أكاديمية سويدية...".
وكان للشؤون السياسية مكانها في مراسلاتهما بالطبع، فهما شيوعيان عريقان وعنيدان. يبوح آمادو، في مقطع من إحدى رسائله وربما كان يتوقع التقريع بأنه سوف ينتخب المرشح الاشتراكي الديمقراطي فرناندو هنريكه كاردوسو، كرئيس للبرازيل، وكان منافسه آنذاك لولا لاسيلبا، فيرد عليه ساراماغو، بعد الشُكر على ثقته واطلاعه على قراره هذا: "أتفهم قرارك بانتخابه.. وإن كنت لا أستطيع الامتناع عن التفكير بأن مشاكل البرازيل لا يمكن معالجتها برئيس الجمهورية، مهما كان ديمقراطياً ونزيهاً، وأنت تعرف أفضل مني، بأن الديمقراطية السياسية يمكنها أن تكون بكل سهولة، مجرد وعاء بلا محتوى، مجرد مظهر بقليل من الجوهر في محتواه".
ما بين مراجعة طبية وأخرى لعينيه المتعبتين، كان آمادو يعلن بأنه قد تمكن من كتابة عشر صفحات من كتابه (رِدّة). «إن الفكرة مُغرية، وهي: الصراع على السلطة بين الاقطاعيين الكبار والجنرالات ورجال الكنيسة. ولكن ما ينقصني هو حل إشكاليات أسلوب السرد نفسه»... وفي إحدى رسائلة، يخبر آمادو صديقه عن مشكلة ضعف بصره، وكذلك عن مروره بضائقة مالية هو وزوجته الروائية زيليا غاتاي: «كنا متعَبان ومفلسان، لأن تدخل البنك المركزي في البنك الاقتصادي، الذي نحتفظ فيه بكل مالنا، قد تركنا بجيوب فارغة، وإن لازال هناك أمل ضعيف باسترداد أموالنا، ولكنه أمل يقل يوماً بعد يوم، ولكن على أية حال.. لا زلنا نعيش». فيرد عليه ساراماغو: "ليس هذا هو الوقت المناسب للتعليق وتحليل النظام الرأسمالي.... ولكن الحقيقة، نحن في خدمتك. ليكن في علمك بأننا لسنا أثرياء، ولكن إن كنا نستطيع أن نكون نافعين لك بشيء، فلا تتردد في أن تقول ذلك".
آخر رسالة
وبسبب تدهور صحة آمادو، تبدأ المراسلات بالتقطع بينهما سنة 1997، ذلك أن قلب ونظر البرازيلي لم يعد يحتمل، لذا أصيب باكتئاب شديد لأنه أصبح عاجزاً عن القراءة والكتابة وحتى الإملاء على غيره، تقول ابنته:»لم يعد يخرج من البيت، وإنما يمضي الأيام ممدداً على أريكة في الصالة بعينين مغمضتين». واستمر على هذا الحال حتى وفاته سنة 2001، باستثناء فترات قليلة متقطعة، يصحو فيها عندما يحدث أمر بالغ الأهمية. وفي الثامن من أكتوبر، عام 1998 جلست زوجته زيليا بجانبه، أمسكت برأسه، وبحماس يفيض به صدرها، قالت له أن صديقه جوزيه قد حصل على جائزة نوبل. وبما يشبه حيلة سحرية أو مثل معجزة برتغالية سويدية، نهض جورج آمادو من رقدته، ونادى على ابنته بالوما. طلب منها أن تجلس أمام جهاز الكمبيوتر، لأنه يريد أن يُملي عليها رسالة. فكانت تلك آخر رسائله إلى ساراماغو، كما طلب منها أن تأتي بشامبانيا، على الرغم من علمه بأنه ممنوع صحياً من شربها... ثم أملى على ابنته: "نحن الآن هنا نشرب نخب فرحتك فرحتنا، بمناسبة هذه الجائزة، التي أصابت هذه المرة. لستُ في حال يسمح لي بالكتابة ولا بإجراء مقابلات صحفية، ولكنني لا أستطيع الكف عن إخبار الجميع، عن مدى فرحتنا بهذا الفوز، فوزك أنت شخصياً، وفوز الآداب باللغة البرتغالية... مع كل المحبة لك من جورج آمادو".
جائزة ولِدت سيئة
عن جائزة الكاموينز، وهي أكبر جائزة عالمية أدبية للكُتاب باللغة البرتغالية، كتب ساراماغوا لآمادو في شهر يوليو سنة 1993: "تلقينا الآن نبأ أن جائزة الكاموينز، قد ذهبت إلى راشيل دي كيروز... لا نناقش القيمة الأدبية للفائزة.. وإنما الذي لا نفهمه، هو لماذا لجنة التحكيم تتجاهل بوضوح ـــ أو تتجاهل باستفزاز، إذا جاز القول ــ أعمال جورج آمادو... إن هذه الجائزة ولِدت سيئة وتستمر بشكل أسوأ. الكراهية قديمة ولا تكل ولا تمل".
70 ألف رسالة
مؤسسة دار جورج آمادو تحتفظ بما يقرب من سبعين ألف وثيقة مراسلة بين الأعوام 1930 وحتى عام 1998 ومن بينها مراسلاته مع كبار الأدباء كالتشيلي بابلو نيرودا والكوبي خورخه غيين والبرازيلي كارلوس دي آندراده.. وغيرهم.
الكتاب ورسائله
يضم الكتاب الرسائل المتبادلة بين أكبر كاتبين للرواية باللغة البرتغالية، وهما البرازيلي جورج آمادو (1912–2001) والبرتغالي، جوزيه ساراماغو (1922–2010)، وقد تم إعداد وتقديم هذا الكتاب بالتعاون بين السيدة بالوما ابنة آمادو، وبين ريكاردو بييل من مؤسسة ساراماغو. وجاء الكتاب صغيراً، في 120 صفحة، لأن صداقتهما جاءت متأخرة أصلاً، لذا دامت مراسلاتهما، وهما في شيخوختهما، خمسة أعوام، منذ 1992 وحتى 1997 تبادلا رسائل بريدية وأخرى عبر الفاكس، وفيها آخر ما كتبه آمادو قبل وفاته، وهي رسالة التهنئة التي وجهها إلى صديقه جوزيه ساراماغو بمناسبة فوزه بجائزة نوبل عام 1998.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قصص قصيرة جدا

إدواردو غاليانو* ترجمة: أسامة أسبر العالم صعد رجل من بلدة نيغوا، الواقعة على الساحل الكولومبي، إلى السماء. حين عاد وصف رحلته، وروى كيف تأمل الحياة البشرية من مكان مرتفع. قال: نحن بحرٌ من ألسنةِ اللهب الصغيرة. أضاف: العالم كومةُ من البشر، بحر من ألسنة اللهب الصغيرة. كل شخص يشع بضوئه الخاص وليس هناك لسانا لهب متشابهان. ثمة ألسنة لهب كبيرة وأخرى صغيرة من جميع الألوان. ألسنة لهب بعض البشر هادئة بحيث لا تتأجج حين تهب الريح، بينما يمتلك آخرون ألسنة لهب وحشية تملأ الجو بالشرار. بعض ألسنة اللهب الغبية لا تحرق ولا تضيء، لكن ثمة أخرى تفيض بلهب الحياة بحيث أنك لا تستطيع أن تنظر إليها دون أن ترف عيناك، وإذا اقتربت منها تضيئك.   العنب والخمر على فراش الموت، تحدث رجل يعمل في الكروم في أذن مرسليا. قبل أن يموت كشف السر هامساً: "إن العنب مصنوع من الخمر." هذا ما روته لي مارسيلا بيريث-سيلبا، وبعدها فكرتُ: إذا كان العنب مصنوعاً من الخمر، فربما نكون الكلمات التي تروي من نحن. فن للأطفال كانت تجلس على كرسي مرتفع أمام صحن من الحساء على مستوى العين. أنفها مجعد، أسنانها محكمة الإغلاق، وذراعاها

EL TIEMPO ENTRE COSTURAS

رواية اسبانية بنكهة مغربية أصبحت رواية الأديبة الإسبانية ماريا دوينياس "الوقت بين ثنايا الغرز"، التي تدور أحداثها في مدينة طنجة المغربية، إلى ظاهرة حقيقية حيث حققت مبيعات تجاوزت المليون نسخة، كما ترجمت لعدة لغات بينها الإنجليزية والألمانية كما تحولت إلى مسلسل تليفزيوني ضخم، سوف يبدأ عرضه مطلع 2012. وامتد نجاح الرواية ليتجاوز حدود إسبانيا حيث من المقرر أن تظهر ترجمتها الإنجليزية في الولايات المتحدة في نوفمبر المقبل، وفي نفس الشهر سوف يتم تكريم المؤلفة، في معرض جوادالاخارا الدولي للكتاب في المكسيك. وفي تصريحات لوكالة (إفي) قالت الأديبة دوينياس "أنا سعيدة لكل هذا النجاح الذي حققته الرواية، لأنه يؤكد أنها تتناول أحداثا ذات طبيعة كونية. تدور أحداث الرواية حول سيرا كيروجا، مصممة أزياء شابة، تضطر لمغادرة مدريد، بحثا عن حبيب مجهول، إلى أن تعثر عليه في مدينة طنجة التي كانت واقعة في تلك الأثناء تحت الاحتلال الإسباني، ويحاولان الاستقرار هناك. ومرة أخرى تجد سيرا نفسها مضطرة للرحيل إلى تطوان، والتي كانت أيضا تحت الاحتلال الإسباني (1902-1956)، هربا من الديون والشعور بالو

ظننتُ أنّ أحداً لم يعد يقرأني

  قصة: خايمي بيلي * ترجمة عن الإسبانية :  غدير أبو سنينة   سيّارة أجرة تمرّ أمام جدارية في العاصمة البيروفية ليما، آذار/ مارس 2022  عند وصولي إلى مدينة الغبار والضباب (يقصد ليما)، أعلن أحد عناصر طاقم الطائرة عبر مُكبِّر الصوت، وبنبرة مُبتهجة، كأنّما ينقل لنا أخباراً طيّبة، أننا سنستخدم دَرَجاً قديماً للهبوط، وسنضطرّ لحمل أمتعتنا واستقلال الحافلة، لنمارس رقصة الكومبيا عند كلّ منعطف نمرّ به، حتى من دون وجود موسيقى في الخلفية: يا مرحباً بكم في الفوضى ! ما إن يصل المسافرون، حتى يسيروا بأقصى سرعة كأنهم يُشاركون في مسابقة رياضية، كأنّ هناك جائزةً تُمنح لمن يصل أوّلاً إلى مكتب ضابط الهجرة. والحقيقة أنّ أحداً لا يصل أوّلاً، إذ يُصادفهم طابور طويل عريض مُتعرّج، يزحف مثل أفعى تُحتضر. لا جوائز، الجميع معاقَب بسبب البطء المُستفزّ لمن ينفّذون القانون بلا مبالاة .  بعد اجتياز عدّة ضوابط صارمة، يستقبلنا السائق بحذَر ويقودنا إلى الشاحنة المُدرَّعة، ذات النوافذ المُظلَّلة، يعرفُني باقي السائقين، يُحيُّونني بصُراخهم، يتبعونني، الحمقى، يعرضون علي خدماتهم، ويطلبون منّي بقشيشاً. أبدو لهم شخصاً فا