التخطي إلى المحتوى الرئيسي

عن أدب أمريكا اللاتينية


الطّفرة الأدبية الشهيرة التي أطلق عليها "البّووم" رفعت الإبداع الأدبي فى أمريكا اللاتينية إلى أعلى مراتبه خلال الخمسين سنة الماضية ،تألّقت خلالها أسماء لامعة فى العالم الناطق باللغة الإسبانية أمثال غابرييل غارسيا ماركيز فى كولومبيا،وأليخو كاربنتييرفى كوبا، وخوان رولفو،وأكتافيو باث،وكارلوس فوينتيس فى المكسيك، و خورخي لويس بورخيس، وخوليو كورتاثار، وبيّو كاساريس فى الأرجنتين،وماريو بارغاس يوسا فى البيرو،وسواهم. إنطلقت هذه الحركة أو الطّفرة الأدبية الكبرى فى الستينيّات من القرن المنصرم،وشكّلت حدثا أدبيّا هامّا،ونقلة نوعية خاصّة فى عالم الخلق والإبداع الأدبي، فى مختلف بلدان أمريكا اللاتينية على وجه الخصوص . كيف يراها اليوم مجموعة من الكتّاب والنقّاد المعاصرين المعروفين من مختلف أنحاء العالم .. ؟ **

بنجلّون يكتب لشعب لا يقرأ.. !
يقول الكاتب المغربي (باللغة الفرنسيّة) الطّاهر بنجلّون،عن هذه الحركة الأدبية : "عندما كنت ما زلت أتابع دراستي فى المعهد الفرنسي بطنجة ، كنت أستمع وأنصت بشغف كبير للكاتب الكوبي أليخو كاربنتيير وهو يحدّثنا عن الزخرفة فى الأدب ،كان رجلا أنيقا وطيّبا ، وبعد هذه الزيارة التي تركت أثرا عميقا فى نفسي،أهداني صديقي الكاتب والمورّخ السينمائي الإسباني "إميليو سانث"الذي كان يقضي وقتا طويلا فى طنجة كتاب "مائة سنة من العزلة" لغابرييل غارسيا ماركيز مترجما إلى اللغة الفرنسية، فانغمست بسرعة فى هذا الكتاب ، إلاّ انّه لم يشدّني أو يجذبني إليه فى البداية بما فيه الكفاية ، كان هناك شئ مّا فى هذا العالم يمنعني من الدخول فى هذه الرّواية التي لم تكن تشبه فى شئ ما كنت معتادا على قراءته من قبل، ولكنّني عدت إلى قراءة هذه الرّواية فيما بعد خاصّة بعد أن إكتشفت العمل الأدبي الإستثنائي للكاتب المكسيكي خوان رولفو، وبفضل "بيدرو بارامو" دلفت فى غابة الأدب الأمريكي اللاتيني الرائعة. وإكتشفت أنّ رولفو كان قد أثّر فى غارسيا ماركيز، كما كان له تأثير فى بعض الكتّاب الآخرين من جيله، وألفيت بعض الأواصر الأسرية بين عوالم هؤلاء الكتّاب ومبدعين من العالم العربي، حيث كنت أقرأ لكارلوس فوينتيس ، وماريو بارغاس يوسا وكأنّهما كاتبان من بلدي.
ويضيف بنجلّون :" إنّ الأوج الذي أدركته هذه الحركة ممثّلة للأدب الأمريكي اللّاتيني شكّلت حظّا سعيدا، وطالعا حسنا للأدب فى النصف الثاني للقرن العشرين ،لقد شاء الحظّ أن تهيّأ للعديد من الكتاب فرصة إنتمائهم لنفس الجيل، كما هيّأ لهم فرصة تمتّعهم بالموهبة والخيال في نفس الوقت. لقد شكّل هؤلاء الكتّاب كوكبة من المبدعين في جميع أنحاء قارة أمريكا اللاتينية حتى وأن كانت أساليبهم الأدبية متباينة ،كما كانت المواضيع التي عالجها هؤلاء الكتّاب موجودة فى آدابهم على وجه التقريب ولقد إتّسمت إبداعاتهم بالجرأة، والزخرفة، والتنميق، وطبعت بقلق رائع،كانت إبداعاتهم بقايا سوريالية، ونوعا من الجنون الذي يتناقض مع الواقعية الأوروبية، وعدم التكيّف مع واقع النمط الأمريكي، لقد أطلقت هذه الحركة الأدبية العنان لحريّة الخيال" . وقال الطّاهر" ففيما يتعلّق بتجربتي الشخصّية، وأنا واثق من ذلك،بعد قراءتي للكتّاب : أونيتّي، وبورخيس، وغارسيا ماركيز، ونيرودا ولآخرين فإنّ كتاباتي حصلت على ترخيص للحلم والإبتكار، فأنا مدين بهذه الحرية وبهذا التطوّر لذلك الخيال المجنّح الذي ليس له حدود".
وقال بنجلّون:" إنّه ينتمي لبلد أربعون فى المائة من سكّانه أميّون، لا يقرأون ولا يكتبون، وهذه مأساة وعار يندى له الجبين، إنني أعرف أنّ بعض بلدان أمريكا اللاتينية تعاني كذلك من هذه المأساة "، وقال:" إنّ أحد هؤلاء الكتّاب وأخاله كارلوس فوينتيس سئل ذات مرّة السّؤال التالي: ( لماذا تكتب لقارّة من الأمييّن لا يقرأون ولا يكتبون.. ؟ ) إنّني أتذكّر جيّدا جوابه وهو ما سأقوله الآن من الذاكرة :" إنني أكتب حتى وإن كنت على علم أنّ بلديّاتي، وأبناء جلدتي لا يقرأون لي..! ولأنّهم حالوا بينهم وبين تعلّم القراءة، فإنني سأكتب جيّدا، بل جيّد جدّا لأنني أريد أن أقدّم لهم ما هو أحسن، لأنّه سيأتي يوم سوف يقرأ فيه هذا الشعب وإذا لم يتسنّ له القراءة فسوف يقرأ أبناؤه ،وعليه فإنّ نصوصي ينبغي أن تكون خالية من النقائص، و بعيدة عن العيوب هذا ما أقوله عندما أسأل هذا السؤال". كما أنّه يقول: " أنّ البعض يعتب عليه أن لماذا لا يكتب باللغة العربية ..؟ فهو يكتب بلغة غير لغة بلاده بل إنّها لغة المستعمر ...! . ويردف قائلا :" إنّ الذين يعتبون عليّ أن لماذا أكتب بالفرنسية بدلا من اللغة العربية إنما هم يطلبون منّي بشكل أو بآخر أن أتخلّى عن الكتابة، لانّهم يعرفون أنّني لا أجيد أو أتقن بما فيه الكفاية لغة القرآن لأعبّر بها بطلاقة وسلاسة كما أفعل ذلك فى اللغة الفرنسية"، ثمّ أضاف:" إنّ جوابي عن هذا السؤال المتعلق بالآداب الأمريكية اللاتينية يشجّعني ويدعمني للمضيّ قدما فى طريقي ككاتب، إنّني أعتبر نفسي شاهدا على عصري، وشاهدا متتبّعا وفى بعض الأحيان مشاركا، أنا لست كاتبا متخفيّا ولا هادئا ،بل إّني أتدخّل وأدلي بدلوي كمواطن، ولكنّني لن أصل إلى حدّ مزاولة السياسة مثل ماريو بارغاس يوسا ". (مداخلة الطّاهر بنجلّون كانت مدرجة فى ذيل هذا الإستطلاع،إلاّ أنّني آثرت أن أبوّئها الصّدارة فى هذا المقال، ولا عجب إذ ..لا يسألون أخاهم حين يندبهم.....فى النّائبات إذا قال برهانا..! ).
الواقعيّة السّحريّة
ويرى الكاتب الأمريكي " غاي تايليسي " أنه يشعر بدين نحو هؤلاء الكتّاب المنتمين لجيل البّوم الأدبي الأمريكي اللاتيني الذين أخرجوه وأخرجوا العديد من زملائه من الجهل الذي كانوا يتخبّطون فيه حول المنجزات والإنتصارات التي طبعت تاريخ أمريكا اللاتينية منذ عهود الإكتشاف" ، كما يرى هذا الكاتب :"أنّ هؤلاء الكتّاب كانوا روائييّن كبارأناروا بخيالهم الواسع عقولنا، بل وكانوا مصدر إلهام لنا بما قدّموه من قصص وحكايات لأناس عاديّين ومعاناتهم وطموحاتهم وتطلعاتهم وجعلوا من هؤلاء وكأنهم أصبحوا جيرانا " أدبيين" لنا".
وترى الكاتبة الأرجنتينية " أنا ماريا سووا" أنّ هذه الحركة جعلت الأدب يقف على قدمين ، وأنزلته من برجه العاجي وعليائه إلى الناس، كان أصحابه سياسيّين من طراز رفيع دون الخضوع أو الخنوع لأيّ أيديولوجية سياسية ، لقد شكّلت هذه الحركة الأدبية فى تاريخ الإبداع الأدبي ثورة حقيقية".
وأمّا الكاتب والرّوائي الإيرلاندي "جون بانفيل" فعلى الرّغم من أنّه يجعل من أوربا موطنا لإنطلاق هذه الحركة إذ يعزو للكاتب الألماني" غونتر غراس" أنه صاحب أوّل كتاب حول الواقعية السّحرية ،فإنه يرى أنّ أصحاب هذه الحركة الأدبية سلّطوا مزيدا من الضوء على الواقعية السحرية ،إنهم شكّلوا بإبداعاته ثورة فى عالم الإبداع ، كما يقال ولكنّني لست متأكّدا من وجود هذه الثورة،ومع ذلك يظل "بورخيس" أحسنهم جميعا".
الكاتب الأمريكي " إليوت وينبيرغر". يشير فى هذا الشأن" أنّ الناس دأبوا على القول بأنّ هذا " البّووم" هو من إنتاج السوق الأمريكية الذي إنتشر فى مختلف أنحاء العالم ، وإن الثوب الذي قدّمت به نفسها هذه المجموعة من الكتّاب الذين لا يجمعهم رابط مشترك سوى أنهم كانوا برمّتهم من أمريكا اللاتينية، لم يكن فى الواقع حركة جمالية بقدر ما كان حركة أدبية حظيت بترجمات متوالية فى الولايات المتحدة الأمريكية،التي كانت الترجمات فيها قليلة جدّأ لكتّاب يمنتون كلهم إلى لغة واحدة ومنطقة واحدة من العالم ، خاصّة وأنّ هؤلاء الكتّاب قد أبدعوا فى الفنّ الروائي بشكل خاص والذين مهّد لهم من قبل مبدعون آخرون كبار مثل بورخيس، ونيرودا ،وباث ،وبارّا وسواهم . لقد كان لهذا البّوم ميل كبير للخيال وفى هذا السّياق إعتبرت "مائة سنة من العزلة " لماركيز من أكثر الروايات تاثيرا فى العالم فى النصف الثاني من القرن العشرين إلاّ أنّ هذا الكاتب يرى أنّ الشّعر كان له تأثير أكبر وأوسع فى الولايات المتحدة الامريكية. و لم يتوان كبار الشعراء فى هذا البلد فى ترجمة الشعر الامريكي اللاتيني. وقد صادف هذا البّوم الادبي ظروفا تاريخية خاصة (حرب الفييتنام ، وظهور حركات الحقوق المدنية إلخ) ونجحت هذه الحركة لأنّ الناس كانوا متعطّشين لآفاق ثقافية أخرى أسيوية وهندية وإلى تقاليع كانت فى بعض الأحيان محظورة وقد وجدوا ضالتهم فى المخدّرات ،أي كان الناس عطشى لثقافة مضادّة للثقافة الأمريكية التي كانت سائدة ولم يتمثّل ذلك البديل فى "الواقعية السحرية" وحسب بل فى أمريكا اللاتينية بأسرها التي كانت تشكّل عالما جذّابا جديدا للأمريكيين، وعليه الّبوم الادبي الأمريكي اللاتيني كان أكثر أهميّة فى الشمال أكثر ممّا هو كان عليه فى الجنوب ".
ويرى الشاعر الرّوماني "ميرسي كارتاريسكو" أنّ الكاتب المأثورعنده من كتّاب هذه الحركة هو الأرجنتيني" إيرنيستو ساباتو" إلا أنّ بورخيس وكورتاثار كانا فى نظره من أكثرالكتّاب تاثيرا من الآخرين، حتى وإن كانت بعض روايات ماركيز من الصعوبة تجاوزها أو التفوّق عليها .
وأماّ الكاتب الأمريكي" جون لي أندرسن" فيرى أنّ أقرب الكتّاب إليه من هذه الحركة هو الكولومبي غابرييل غارسيا ماركيز منذ أن قرأ روايته " مائة سنة من العزلة" عالم 1977 لقد فتحت هذه الرّواية أمامه آفاقا جديدة لرؤية العالم وفهمه بطريقة تختلف عن السّابق، ثم كان لقاؤه فيما بعد مع كورتاثار، والبرازيلي خورخي أمادو ثم مع ماريو بارغاس يوسا وآخرين ، لقد تالّق وإنتشر هذا الأدب لأنه عني فى المقام الاوّل بالناس العاديين مثل السكان الاصليين، والمولّدين، والسّود، وسكان البوادي الذين كانوا مهمّشين تماما، ومن ثمّ أكتسب أهميته وقيمته وبعده الأدبي والإنساني العميق ، لقد حققت هذه الحركة الأدبية طفرة ليس فى أمريكا اللاتينية وحسب، بل وخارجها كذلك وأفسحت المجال لعالم أكثر شمولية وعالمية وديمقراطية، أكثر ممّا كان عليه من قبل".
الخصوبة والإبتكار
وترى الكاتبة الإسبانية "كريستينا فرنانديث كوباس" أنّ اوّل من إسترعى إنتباهها وشدّها إليه هو خوان رولفو برائعته "بيدرو بارامو" ، ثم جاء الكتاّب الآخرون المنضوون تحت هذه الحركة الذين أعطوا نفسا قويّا للرّواية المعاصرة فى أمريكا اللاتينية على وجه الخصوص.
وفى نظر الكاتب التشيلي "لويس هاس" فإنّ الرّوائي الأوّل الذي سيطر على مجامعه ضمن هذه الكوكبة من الكتّاب كان "خوليو كورتاثار". هذه الحركة عملت فى نظره على نقل الأدب الامريكي اللاتيني من المحليّة إلى العالمية ، وعمّمت وعمّقت المفهوم البورخياني وهو أنّ الكاتب الجيّد هو كلّ الكتّاب، وبواسطة هذا الادب لم تعد الأسطورة والمعجزة مجازا أو إستعارات أو أوهاما بل أصبحتا حقائق كلّ أيامنا المعاشة. ويؤكّد هذا الكاتب أنّه لا ينبغي أن يعزب عن بالنا الدور الذي لعبته مدينة برشلونة بالذات فى نشر وذيوع هذه الحركة الادبية ، كما لا ينبغي ان ننسى أن المترجم الإنجليزي "غريغوري روباسّا" الذي عني بهذه الحركة عناية فائقة هو إبن مواطن كاطالاني ، كما أنّ الناشر الذي عني بهذا "البوم" فى الأرجنتين هو"باكو بوروا" وهو من غاليسيا بإسبانيا .
وفى رأي الصّحافي الإسباني البارز "خوان كروث" فإنّ هذه الحركة الادبية شكّلت نوعا من الإنتشار والتنوّع للإبداع الأدبي ليس لهما نظير ، فالبّووم يعني الإنفجار الذي قلب موازين الإبداع الادبي بتلك الهالة الخلاّقة التي تمثّلت فى الواقعية السحرية التي إنصهرت داخل هذا الحركة نفسها .
ويرى الكاتب الأمريكي " شارلز باكستر" أن أوّل ما وصل إليه من الأدب الامريكي اللاتيني المعاصر كانت قصص خورخي لويس بورخيس، وخوليو كورتاثار، ثمّ إكتشف فيما بعد الكولومبي غابرييل غارسيا ماركيز إلاّ أنّه ما لبث أن مال فيما بعد إلى الأديب التشيلي " خوسّيه دونوسو" خاصّة كتابه" طائر الليل الفاحش " الذي لم يتمكّن من التخلّص من آثاره إلى اليوم. هذه الحركة الأدبية تقتنص اللحظات اليومية المعاشة وتصفها بحماس كبير، ترصد حتى الأوهام، والشطحات والأطياف، والكوابيس، والشخصيّات. هنا تكمن قوّة وزخم هذه القصص ، ولقد ظل هذاالنّوع من الأدب ضعيفا إلى حدّ مّا فى الولايات المتحدة الامريكية".
عولمة اللغة الإسبانية
الكاتبة البيروفية الأمريكية " ماري أرانا" ترى انّ هذه الحركة الأدبية لم تكن ظاهرة أمريكا اللاتينية ، بل كانت أمريكية نظرا لما كان يحدث حولها من مخاض بين قرّاء لم يكونوا على علم أو دراية، بل إنهم لم يعيروا أدنى إهتمام بما يجرى فى أمريكا اللاتينية من ثراء أدبي، وإبداع راق، وخيال مجنّح، كما أنهم لم يكونوا على علم بعد بالتراث العظيم للأدب الإسباني، وكان هذا البّوم نوعا من الموضة أو البدعة، ، ولكن لا يمكن مناقشتها. وطفق الأمريكيون ينظرون من خلال عيون أخرى مختلفة غير عيونهم ، ودخلوا فى جلد آخر..
وقالت إنّ هذا البّوم لا يمكن إعتباره حركة موحّدة، مثل حركة الرومانسيّين الفرنسييّن أو مثل حركة الطلائعييّن الرّوس ، كما أنّ هذا البوم لم يكن حركة كتّاب، بقدر ما كان حركة قرّاء، فقد أفضت هذه الحركة الأدبية إلى زيادة عدد القرّاء بشكل لم يسبق له مثيل، وذلك ترحيبا وحفاوة بالخيال الأمريكي اللاتيني الجديد . وتؤكّد الكاتبة انّ أحد الصّحافيين الأمريكيين الكبار وهو "جيمس ريستون" كان مخطئا عندما قال "إنّ أمريكا بمقدورها أن تفعل أيّ شئ من أجل أمريكا اللاتينية، ولكنها لا يمكنها أن تقرأ شيئا لها أوعنها " .
الكاتب الهولاندي "سيس نوتيبوم" يرى أنّ غابرييل غارسيا ماركيز قد إكتشف قارّة ولقننا كيف نحكي الحكايات، ونقصّ القصص، البّووم عرّفنا كذلك بسوداوية وعمق الكاتب الأوروغوائي خوان كارلوس أونيتّي ، وعالم بورخيس المسحور، وألمعية وبريق بيّو كاساريس.
وفى نظر الكاتب الإسباني" خوسّيه ماريا بوثويلو إيفانكوس" أنّ هذه الحركة أسهمت فى عولمة اللغة الإسبانية وثقافتها وعرّف بالأدب المكتوب فى هذه اللغة على أوسع نطاق، ونقل هذا الأدب وترجمته إلى مختلف اللغات العالميّة الحيّة ، وكانت أولى قراءاته لهذا البّووم "مدينة الكلاب " ليوسا ،و"مائة سنة سنة من العزلة" لماركيز ، و"راجويلا "لكورتاثار.فبواسطة خوان رولفو أدخل إلى الأدب العالمي السرد الهيكلي، مرورا بويليام فولكنر، وقدّم بارغاس يوسا السّرد الذي يرصد الواقع بواسطة الخيال، وتقريب الرّواية من التاريخ الجماعي، واستعاد أليخو كاربينتيير أجمل التقاليد الباروكية السّردية فى اللغة..؟
*كاتب من المغرب يقيم فى إسبانيا (غرناطة).
**هذا الإستطلاع نشرته جريدة"البّايس"الإسبانية بتاريخ17نوفمبر2012 وجميع المداخلات هي من ترجمة كاتب هذه السّطور.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قصص قصيرة جدا

إدواردو غاليانو* ترجمة: أسامة أسبر العالم صعد رجل من بلدة نيغوا، الواقعة على الساحل الكولومبي، إلى السماء. حين عاد وصف رحلته، وروى كيف تأمل الحياة البشرية من مكان مرتفع. قال: نحن بحرٌ من ألسنةِ اللهب الصغيرة. أضاف: العالم كومةُ من البشر، بحر من ألسنة اللهب الصغيرة. كل شخص يشع بضوئه الخاص وليس هناك لسانا لهب متشابهان. ثمة ألسنة لهب كبيرة وأخرى صغيرة من جميع الألوان. ألسنة لهب بعض البشر هادئة بحيث لا تتأجج حين تهب الريح، بينما يمتلك آخرون ألسنة لهب وحشية تملأ الجو بالشرار. بعض ألسنة اللهب الغبية لا تحرق ولا تضيء، لكن ثمة أخرى تفيض بلهب الحياة بحيث أنك لا تستطيع أن تنظر إليها دون أن ترف عيناك، وإذا اقتربت منها تضيئك.   العنب والخمر على فراش الموت، تحدث رجل يعمل في الكروم في أذن مرسليا. قبل أن يموت كشف السر هامساً: "إن العنب مصنوع من الخمر." هذا ما روته لي مارسيلا بيريث-سيلبا، وبعدها فكرتُ: إذا كان العنب مصنوعاً من الخمر، فربما نكون الكلمات التي تروي من نحن. فن للأطفال كانت تجلس على كرسي مرتفع أمام صحن من الحساء على مستوى العين. أنفها مجعد، أسنانها محكمة الإغلاق، وذراعاها

EL TIEMPO ENTRE COSTURAS

رواية اسبانية بنكهة مغربية أصبحت رواية الأديبة الإسبانية ماريا دوينياس "الوقت بين ثنايا الغرز"، التي تدور أحداثها في مدينة طنجة المغربية، إلى ظاهرة حقيقية حيث حققت مبيعات تجاوزت المليون نسخة، كما ترجمت لعدة لغات بينها الإنجليزية والألمانية كما تحولت إلى مسلسل تليفزيوني ضخم، سوف يبدأ عرضه مطلع 2012. وامتد نجاح الرواية ليتجاوز حدود إسبانيا حيث من المقرر أن تظهر ترجمتها الإنجليزية في الولايات المتحدة في نوفمبر المقبل، وفي نفس الشهر سوف يتم تكريم المؤلفة، في معرض جوادالاخارا الدولي للكتاب في المكسيك. وفي تصريحات لوكالة (إفي) قالت الأديبة دوينياس "أنا سعيدة لكل هذا النجاح الذي حققته الرواية، لأنه يؤكد أنها تتناول أحداثا ذات طبيعة كونية. تدور أحداث الرواية حول سيرا كيروجا، مصممة أزياء شابة، تضطر لمغادرة مدريد، بحثا عن حبيب مجهول، إلى أن تعثر عليه في مدينة طنجة التي كانت واقعة في تلك الأثناء تحت الاحتلال الإسباني، ويحاولان الاستقرار هناك. ومرة أخرى تجد سيرا نفسها مضطرة للرحيل إلى تطوان، والتي كانت أيضا تحت الاحتلال الإسباني (1902-1956)، هربا من الديون والشعور بالو

ظننتُ أنّ أحداً لم يعد يقرأني

  قصة: خايمي بيلي * ترجمة عن الإسبانية :  غدير أبو سنينة   سيّارة أجرة تمرّ أمام جدارية في العاصمة البيروفية ليما، آذار/ مارس 2022  عند وصولي إلى مدينة الغبار والضباب (يقصد ليما)، أعلن أحد عناصر طاقم الطائرة عبر مُكبِّر الصوت، وبنبرة مُبتهجة، كأنّما ينقل لنا أخباراً طيّبة، أننا سنستخدم دَرَجاً قديماً للهبوط، وسنضطرّ لحمل أمتعتنا واستقلال الحافلة، لنمارس رقصة الكومبيا عند كلّ منعطف نمرّ به، حتى من دون وجود موسيقى في الخلفية: يا مرحباً بكم في الفوضى ! ما إن يصل المسافرون، حتى يسيروا بأقصى سرعة كأنهم يُشاركون في مسابقة رياضية، كأنّ هناك جائزةً تُمنح لمن يصل أوّلاً إلى مكتب ضابط الهجرة. والحقيقة أنّ أحداً لا يصل أوّلاً، إذ يُصادفهم طابور طويل عريض مُتعرّج، يزحف مثل أفعى تُحتضر. لا جوائز، الجميع معاقَب بسبب البطء المُستفزّ لمن ينفّذون القانون بلا مبالاة .  بعد اجتياز عدّة ضوابط صارمة، يستقبلنا السائق بحذَر ويقودنا إلى الشاحنة المُدرَّعة، ذات النوافذ المُظلَّلة، يعرفُني باقي السائقين، يُحيُّونني بصُراخهم، يتبعونني، الحمقى، يعرضون علي خدماتهم، ويطلبون منّي بقشيشاً. أبدو لهم شخصاً فا