التخطي إلى المحتوى الرئيسي

رواية دان براون الجديدة تحبس مترجمين شهرين تحت الأرض


الأحداث وراء كواليس آخر أعمال الروائي الأميركي دان براون نفسها تشبه نوع مغامرات التشويق التي طار بها الى أعالي سماوات الشهرة مع نشر روايته الثانية «شيفرة دافينشي» (بيعت منها 80 مليون نسخة مع ترجمتها الى 44 لغة حول العالم).
وبالطبع فقد ضمنت هذه الرواية لكاتبها مكانة لدى الناشرين والقرّاء، ربما لم تتوفر لأحد غيره. وهكذا صارت مؤلفاته «فرض عين» على كل قادر على القراءة، بما في ذلك روايته الأولى «ملائكة وشياطين» التي حققت ايضا نجاحًا ما كانت لتحرزه لولا نشر «شيفرة دافينشي» بعدها.
 سجن تحت الأرض

انطلاقًا من هذا النجاح غير العادي قرر ناشر الرواية الجديدة لبراون، وهي بعنوان Inferno «الجحيم»، أن تصدر متلازمة مع ترجماتها الى العدد الأكبر من لغات العالم الرئيسية. وكان الدافع الى هذا القرار هو الحرص على القدر الأكبر الممكن من الأرباح المالية عبر الحفاظ على سرية النسخة الانكليزية بحيث لا تقع فريسة لقراصنة الترجمة فتُنقل الى لغات العالم من دون عائد مادي على الناشر والمؤلف.
على أن هذا خلق دراما جديرة بأن تصبح فصلاً في الرواية نفسها. فقد اقتضى هذا الوضع أن يأتي الناشر بالمترجمين ويفرض عليهم واقعًا غير مألوف هو العزلة الكاملة عن العالم لمدة شهرين. فقد «سُجنوا» في مخبأ محصن تحت الأرض وطُلب الى كل منهم العمل على ترجمة الرواية الى لغته منذ الصباح الباكر حتى الثامنة مساء... سبعة أيام في الأسبوع.
سريّة تامة

يبلغ عدد اللغات التي اختار الناشر الترجمة اليها لتصدر يوم صدور النسخة الانكليزية 11 لغة جُلب لها المترجمون المختارون من مختلف أنحاء العالم. وكما هو متوقع فإن هذه تشمل الفرنسية والأسبانية والألمانية والإيطالية إضافة الى البرتغالية. 
وأحضر هؤلاء الى مكان حدده لهم الناشر الإيطالي «موندادوري» في ميلانو، واتضح أنه قبو حصين تحت الأرض. وليس هذا وحسب بل أن أجهزة الكمبيوتر المتاحة لعمل المترجمين ثُبتت الى طاولاتها بعدما نُزعت عنها المنافذ الى الإنترنت. وهكذا انقطعت علاقة المترجمين بالعالم الخارجي إلا عبر جهاز واحد يديره مشرف على المواقع الإلكترونية التي يمكن لهم تصفّحها.
وكانت النسخ الانكليزية (الأصل) تتاح للمترجمين فقط أثناء عملهم على ترجمتها و«تصادر» منهم بعد نهاية فترة الدوام ويُحتفظ بها في خزائن محصّنة هي أيضًا الى حين العودة اليها صباح اليوم التالي. ووفقًا لما تداولته الصحافة البريطانية فقد بلغ من الحرص على سريّة المشروع أن طُلب الى المترجمين إعطاء معلومات مضللة عن سبب وجودهم في مبنى الدار الناشرة، وخاصة عندما يسمح لهم بالصعود لتناول وجباتهم في مطعمه الصغير المخصص للعاملين فقط.
«الجحيم»

غني عن القول ربما إن رواية دان براون الجديدة ستظل مغلفة بتلك السريّة الكاملة الى حين صدورها على الجمهور في مختلف بقاع العالم منتصف الشهر الحالي. لكن التكهنات تقول إنها ستحمل العديد من الإشارات الى «الجحيم» وهو الجزء الأول من قصيدة دانتي الشهيرة «الكوميديا الإلهية» التي يعود تاريخها الى القرن الرابع عشر.
ووفقًا لدار «أمازون» الإلكترونية، فإن أحداث الرواية الجديدة تقع في قلب أوروبا وبطلها هو روبرت لانغدون، خبير علم الرموز الأميركي بجامعة هارفارد، الذي اختاره دان براون بطلاً لرواياته «ملائكة وشياطين» (2000) و«شيفرة دافنشي» (2003) و«الرمز المفقود» (2009). 
يذكر أن براون أصدر ست روايات وصلت مبيعاتها مجتمعة الى 200 مليون نسخة بما لا يقل عن 52 لغة. وبلغت عائدات الفيلمين اللذين استقتهما هوليوود من روايتيه «شيفرة دافنشي» و«ملائكة وشياطين» نحو 1.28 مليار دولار.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قصص قصيرة جدا

إدواردو غاليانو* ترجمة: أسامة أسبر العالم صعد رجل من بلدة نيغوا، الواقعة على الساحل الكولومبي، إلى السماء. حين عاد وصف رحلته، وروى كيف تأمل الحياة البشرية من مكان مرتفع. قال: نحن بحرٌ من ألسنةِ اللهب الصغيرة. أضاف: العالم كومةُ من البشر، بحر من ألسنة اللهب الصغيرة. كل شخص يشع بضوئه الخاص وليس هناك لسانا لهب متشابهان. ثمة ألسنة لهب كبيرة وأخرى صغيرة من جميع الألوان. ألسنة لهب بعض البشر هادئة بحيث لا تتأجج حين تهب الريح، بينما يمتلك آخرون ألسنة لهب وحشية تملأ الجو بالشرار. بعض ألسنة اللهب الغبية لا تحرق ولا تضيء، لكن ثمة أخرى تفيض بلهب الحياة بحيث أنك لا تستطيع أن تنظر إليها دون أن ترف عيناك، وإذا اقتربت منها تضيئك.   العنب والخمر على فراش الموت، تحدث رجل يعمل في الكروم في أذن مرسليا. قبل أن يموت كشف السر هامساً: "إن العنب مصنوع من الخمر." هذا ما روته لي مارسيلا بيريث-سيلبا، وبعدها فكرتُ: إذا كان العنب مصنوعاً من الخمر، فربما نكون الكلمات التي تروي من نحن. فن للأطفال كانت تجلس على كرسي مرتفع أمام صحن من الحساء على مستوى العين. أنفها مجعد، أسنانها محكمة الإغلاق، وذراعاها

EL TIEMPO ENTRE COSTURAS

رواية اسبانية بنكهة مغربية أصبحت رواية الأديبة الإسبانية ماريا دوينياس "الوقت بين ثنايا الغرز"، التي تدور أحداثها في مدينة طنجة المغربية، إلى ظاهرة حقيقية حيث حققت مبيعات تجاوزت المليون نسخة، كما ترجمت لعدة لغات بينها الإنجليزية والألمانية كما تحولت إلى مسلسل تليفزيوني ضخم، سوف يبدأ عرضه مطلع 2012. وامتد نجاح الرواية ليتجاوز حدود إسبانيا حيث من المقرر أن تظهر ترجمتها الإنجليزية في الولايات المتحدة في نوفمبر المقبل، وفي نفس الشهر سوف يتم تكريم المؤلفة، في معرض جوادالاخارا الدولي للكتاب في المكسيك. وفي تصريحات لوكالة (إفي) قالت الأديبة دوينياس "أنا سعيدة لكل هذا النجاح الذي حققته الرواية، لأنه يؤكد أنها تتناول أحداثا ذات طبيعة كونية. تدور أحداث الرواية حول سيرا كيروجا، مصممة أزياء شابة، تضطر لمغادرة مدريد، بحثا عن حبيب مجهول، إلى أن تعثر عليه في مدينة طنجة التي كانت واقعة في تلك الأثناء تحت الاحتلال الإسباني، ويحاولان الاستقرار هناك. ومرة أخرى تجد سيرا نفسها مضطرة للرحيل إلى تطوان، والتي كانت أيضا تحت الاحتلال الإسباني (1902-1956)، هربا من الديون والشعور بالو

ظننتُ أنّ أحداً لم يعد يقرأني

  قصة: خايمي بيلي * ترجمة عن الإسبانية :  غدير أبو سنينة   سيّارة أجرة تمرّ أمام جدارية في العاصمة البيروفية ليما، آذار/ مارس 2022  عند وصولي إلى مدينة الغبار والضباب (يقصد ليما)، أعلن أحد عناصر طاقم الطائرة عبر مُكبِّر الصوت، وبنبرة مُبتهجة، كأنّما ينقل لنا أخباراً طيّبة، أننا سنستخدم دَرَجاً قديماً للهبوط، وسنضطرّ لحمل أمتعتنا واستقلال الحافلة، لنمارس رقصة الكومبيا عند كلّ منعطف نمرّ به، حتى من دون وجود موسيقى في الخلفية: يا مرحباً بكم في الفوضى ! ما إن يصل المسافرون، حتى يسيروا بأقصى سرعة كأنهم يُشاركون في مسابقة رياضية، كأنّ هناك جائزةً تُمنح لمن يصل أوّلاً إلى مكتب ضابط الهجرة. والحقيقة أنّ أحداً لا يصل أوّلاً، إذ يُصادفهم طابور طويل عريض مُتعرّج، يزحف مثل أفعى تُحتضر. لا جوائز، الجميع معاقَب بسبب البطء المُستفزّ لمن ينفّذون القانون بلا مبالاة .  بعد اجتياز عدّة ضوابط صارمة، يستقبلنا السائق بحذَر ويقودنا إلى الشاحنة المُدرَّعة، ذات النوافذ المُظلَّلة، يعرفُني باقي السائقين، يُحيُّونني بصُراخهم، يتبعونني، الحمقى، يعرضون علي خدماتهم، ويطلبون منّي بقشيشاً. أبدو لهم شخصاً فا