فاز الكويتي سعود السنعوسي بجائزة البوكر "الجائزة العالمية للرواية العربية" عن روايته "ساق البامبو*".
وتضمنت القائمة القصيرة 6 روايات لمؤلفين ينتمون لست دول وهي: "مريم" للعراقي المقيم في أميركا سنان انطوان، و"أنا هي والأخريات" للبنانية جنى الحسن، و"القندس" للسعودي محمد حسن علوان، و"مولانا" للمصري إبراهيم عيسى، و"سعادته... السيد الوزير" للتونسي حسين الواد.
والرواية تتحدث عن "جوزفين" القادمة من الفلبين للعمل كخادمة في منزل أحد أثرياء الكويت، وسرعان ما يتعلق بها الابن "راشد" المدلل الوحيد للعائلة الثرية، فيقرر الزواج منها بعد قصة حب.
ويتزوج راشد من الخادمة بشرط أن يبقى الزواج سراً، ولكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن، فتحمل جوزفين وتلد ابناً أسمته "خوسية"، ولكن الأب يتخلى عن ابنه ويرفض الاعتراف به، ويقرر سفرها مع ابنها إلى الفلبين وهو لم يتجاوز السنتين، وهناك يعيش الطفل حياة صعبة، وعندما يكبر يقرر العودة إلى بلاد أبيه الكويت وهو في عمر الثامنة عشرة، الأرض الحلم أو الجنة كما صورتها له أمه منذ كان طفلاً، ومن هنا يبدأ فصل آخر من الرواية.
"ساق البامبو" عمل روائي جريء يقترب بموضوعية من ظاهرة العمالة الأجنبية في الخليج، ويطرح سؤالاً بعمق عن الهوية.
تعد الرواية رهاناً ومجازفة كبيرين، ورداً على لسان بطل شبّه نفسه بنبات البامبو وهو الضائع بين هويتين وبلدين.
رواية تسجل تواريخها بين الفلبين والكويت، وتؤرّخ لبعض الأحداث التاريخية والسياسية والدينية.
هي وثيقة عن البلد الشرق آسيوي وأساطيره، ودياناته، وفقره المدقع، وسجّل مشاهد من عذابات مواطنين خدموا البلد وهم من فئة "البدون" (بلا جنسية) من خلال قضية غسان الصديق المقرب لوالده راشد الطاروف.
رشحت للمسابقة 113 رواية، اختارت اللجنة منها الرواية التي فازت بالجائزة. ويترأس اللجنة المفكر الاقتصادي والناقد المصري جلال أمين، وضمت كلاً من اللبناني صبحي البستاني، ورسام الكاريكاتير السوري علي فرزات، والجزائرية زاهية إسماعيل الصالحي، والمستعربة البولندية بربارا ميخالك-بيكولسكا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* رابط تحميل الرواية:
في الحديث عن البوكر للرواية العربية 2013 – ساق البامبو
ردحذفتَقدم هذا العام لجائزة البوكر للرواية العربية 133 رواية عربية كتبت خلال العام المنصرم. ولا أتصور أن أياً منا يملك خليفة واضحة عن المعايير التي اعتمدتها اللجنة لاختيار الروايات المرشحة للجائزة القصيرة سوى أن كل منها من قٌطر عربي مختلف.
يبدو أن لجنة هذا العام، ولنقل مثل كل عام، تنتقي أسوأ ما في القائمة الطويلة كي يندرج تحت القائمة القصيرة، وهم بظنهم أن في اختيارهم لكُتاب من أقاليم مختلفة سيجعل الخيار عادلاً، أو أن باختيارهم لكتاب لا زال قلمهم وليد المهد سيقومون بنقلة نوعية في الرواية ال
عربية.
احتوت القائمة الطويلة على روايات عربية نفخر بكُتابها ولكن أيَّاً منها لم يكن ضمن القائمة القصيرة، وللغرابة كانت رواية جنى الحسن إحدى الروايات التي سرقت مقعدها في القائمة القصيرة رغم أنها رواية ركيكة الفكرة والأسلوب، ويبدو أن الواسطة هنا لعبت دورها، وتفردت كذلك رواية القندس للعلوان بمقعد آخر وهي شكل آخر من أشكال الملل الروائي الذي لا زال العلوان يكرر نفسه فيه بعد أن فرغ جيبه.
كنت قد توقعت ، وكمعظم من قراء الروايات المرشحة للبوكر، أن تحظى ساق البامبو بالبوكر لهذا العام بين بقية الروايات الأخرى التي إما كانت مواضيعها مكررة أو كانت لا ترقى لأن تكون ضمن أفضل الروايات العربية.
استطاع الروائي في ساق البامبو أن يضحك علينا جميعاً، فجميعنا ظن في البداية أن الرواية قد تُرجمت فعلاً عن الفلبينية، وقد سمح هذا الفعل للكاتب في أن يجعلنا نغفر له الأخطاء الفنية التي كان يقع بها إلى حين فرغنا من الرواية وأدركنا الخدعة التي قام بها. لا أخفي أن ما قام به كان فعلاً ذكياً جداً إلا أنَّه لم يبرر لي – على الأقل – أن تتربع رواياته على عرش الروايات العربية.
في روايته للسنعوسي، أجاد اختيار فكرته التي لم يطرق بابها كُتاب الخليج بهذه القسوة والقوة من قبل؛ فتحدث عن المشاعر التي تحيط بالأطفال الذين ينتجون عن الزواج من العاملات الآسيويات – الخادمات – وتطرق كذلك لبعض المواضيع التي تعد من المحرمات في المجتمع الكويتي كالبدون، وعمل على وصف المجتمع الخليجي والكويتي على وجه الخصوص بشكل دقيق وجيد، وقد أبدى الكاتب بالفعل جدية في التعامل مع هذا العمل. إلا أن الكاتب لم يوفق في أمور كثيرة وكان لديه العديد من الإخفاقات في بناء هذه الرواية.
لم تكن لغة الكاتب في الرواية قوية، وقد كانت روايته مليئة بالحشو الذي لا داعي له والذي كان بمقدوره أن يقوم باختصاره أكثر؛ فكثير من الفصول كانت بلا داعٍ. وقد حاول الكاتب أن يحشو كل معرفته عن الفلبين بهذه الرواية حتى يقوم بإقناعنا أنه يلم بشكل تام بالفلبين وثقافتها وهو ما لم يكن محموداً وبدا مزعجاً.
لم يكن تطور الشخصيات، وخصوصاً الشخصية الرئيسية، موفقاً. فمن طفل جاهل وغير متعلم، استطاع عيسى أن يصير حكيماً، فاهماً لأمور دينه، منكباً على البحث عن الحقيقة ضمن فترة زمنية لم ندرك خلالها كيف حدث كل هذا. إضافة لهذا فلم يوفق الكاتب في تصوير التخبط الديني الذي أصاب الشخصية الرئيسية ولم يكن مقنعاً.
في فصول كثيرة سعى الكاتب لإظهار أن البطل مال قلبه للدين الإسلامي وصار يبحث عنه، وهذا ما جعل الرواية تبدو وكأنها قصة من قصص الأطفال التي تُدرس في حصص التربية الإسلامية. فكان الأحرى به أن يجعها إما رواية دينية تتحدث بشكل واسع عن هذا الأمر رغم أنه وكما أسلفت لم يكن موفقاً في وصف هذا التخبط الديني، وإما كان من الأفضل أن يكتفي بفصل يصف فيه هذا التخبط بحذاقة وتمكُّن.
تترك الرواية في النفس أثراً قوياً فالطرح كان جديداً لكنه لم يكن مميزاً. فأنت حينما تقرأ رواية مرشحة للبوكر تخال أنها رواية ممتازة، بل وممتازة جداً كي تكون ضمن أجود ما كتبه العرب، ولكنك تُفاجأ حينما تدرك أن الرواية دون المستوى.
يبدو أن الرواية العربية ستظل متأخرة في تطورها ومركونة على جدول أعمال الزمن كي يفيق يوماً ويُصيِّر منها حدثاً كبيراً، وإلى حينه فسيظل القُراء العرب مبهورين بقوة ما يكتبه الآخرون من العالم، غير مبالين بما يُنشر عربياً حتى لا تتضرر ذائقتهم.
أتصور أن تُرشح رواية مستغانمي، الأسود يليق بك، للعام المقبل ضمن قائمة الروايات المرشحة للبوكر، ولن أستغرب فوزها أيضاً في جائزة معاييرها مع الأسف " مضروبة " .
الكوفية
http://kofiia.blogspot.com/2013/04/2013.html