التخطي إلى المحتوى الرئيسي
غيّب الموت مؤلف الرواية الشهيرة "سوستيينه بيريرا"، صباح الأحد الماضي، عن عمر يناهز 68 عاماً، نتيجة مرض عضال عانى منه طويلاً.

كان الكاتب الإيطالي أنطونيو تابوكي، الذي يعد من أهم الرموز الأدبية والأكاديمية في أوروبا، دخل مستشفى الصليب الأحمر في لشبونة، بسبب إصابته بالسرطان، حيث توفي عن عمر 68 عاماً، مثلما أفادت دار النشر "فيلترينيلي".
وولد تابوكي في مدينة "بيسا" شمال إيطاليا في شهر سبتمبر/ أيلول من عام 1943، وحصل على الجنسية البرتغالية في 2004. وعمل بصفة مدرس للأدب البرتغالي في العديد من الجامعات المرموقة في الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا، واعتُبر من أهم الشخصيات ذات الخبرة الواسعة بالشاعر البرتغالي فيرناندو بيسوا، الذي شغل إهتمامه أكثر، عندما سافر الى البرتغال وتفرغ لمراجعة كتبه وأشعاره.
وساهم تابوكي بكتاباته أيضاً في الصحيفة الإيطالية اليومية "كوريير ديلا سييرا"، و"لو موند" الفرنسية، و"الباييس" الإسبانية.
ولج أنطونيو تابوكي عالم الكتابة عام 1975 عبر روايته الأولى "ساحة إيطاليا"، حيث تلتها، بعد ذلك، مجموعة من المختارات القصصية، وذاع صيته ككاتب عالمي مبدع بفضل رواياته "ريكييم: آ هالوسينيشن – 1991"، و"سوستيينه بيريرا – 1996" على وجه التحديد، والتي تتناول الديكتاتور سالازار في البرتغال، ومن ثم لتتحول الى شريط فيلمي في عام 1996، من بطولة مارشيللو ماستروياني وإخراج روبرتو فاينزا.
ويبرز إلتزام تابوكي الإجتماعي، وهالة الغموض التي تلف في أعماله الأدبية الأخيرة، من خلال أسلوبه الجميل الذي يسير عليه في كتاباته، كما هو شأن "ذا مسنغ هيد أوف داماسينسو مونتيرو – 1996"، و"تريستان يموت – 2004"، و"إتس غيتنغ ليتر أول ذا تايم – 2001". وأما آخر رواية له فقد كانت "راكونتي كون فيغر" الصادرة في 2011.
وضع نقاد الأدب أنطونيو تابوكي في مصاف أهم كتاب القصة القصيرة، وكان إنضم الى البرلمان الدولي للكتاب، وهو عبارة عن جمعية للتضامن مع الكتاب المضطهدين.
وتابوكي كاتب تُرجمت أعماله الى أكثر من 40 لغة، وحاصل على العديد من الجوائز الدولية، وقد رشّح إسمه لجائزة "أمير أستورياس"، وجائزة نوبل للآداب منذ العام 2000.
في لقاء أجرته معه مجلة "كامبوس" الصادرة في مورثيا في إسبانيا عام 2008، أثناء توجيه دعوة إليه للحديث عن مسيرته الأدبية والأكاديمية، تحدث أنطونيو تابوكي عن كل ما يتعلق بحياته وأعماله الإبداعية. هنا أبرز ما جاء في ذلك اللقاء.


- سؤال: أُشيع عنك تأثرك الكبير بالشاعر بيسوا...


جواب: في الواقع، لقد أخذ هذا الإعجاب الذي أكنه لبيسوا الكثير مني. لقد تبنتني البرتغال، وغالبا ما كان الناس في هذا البلد يسألونني عن هذا الشاعر. أنا أستاذ في الأدب البرتغالي، وأنا متخصص في اللغة، وأقوم بالتدريس في جامعة سينا منذ سنوات عدة. ولقد ترجمت وكتبت بحوث حول بيسوا، لكنني في الوقت ذاته، كتبت عن غيره الكثير من الكتاب الذين أحملهم معي، في جعبتي الأدبية.


لقد سحرني بيسوا كثيراً، لأنه روائي عظيم كتب في الشعر. أعماله هي بمثابة كوميديا إنسانية، غير أنني أعتبر شخصياته شعراء. إن الغيرية، وخلق الشخصيات، تنتمي الى فكرة الأدب. ولقد سبقوه في ذلك سيرفانتس، وشكسبير، وبلزاك.


- سؤال: ومن من الكُتاب، غير هؤلاء، تحمله في جعبتك؟


جواب: هناك، على سبيل المثال، كونراد، وأيضاً العديد من الشعراء، أعيد كثيراً قراءة إيميلي ديكنسون، وبيرانديللو، وأنا دائم القراءة لبورخيس، وأيضاً، بالتأكيد، بيسوا، الذي أعتبره من أبرز كتاب القرن العشرين. إن بيسوا كاتب عالمي.


- سؤال: وما الذي تحتويه أعمال تابوكي من تابوكي؟


جواب: لم أفكر قط بشخصيتي، وأنا أكتب، ولم أكن شخصية من شخصيات رواياتي، لكن، مما لا شك فيه، أن الشخصيات تنتهي شبيهة بالمؤلف. هناك ما يجمع في ما بين هذه الشخصيات، لأننا، نحن الكتاب، نضع لمساتنا على الشخصيات التي نبتدعها. كان سيرفانتس يقول إنه دون كيشوت وسانجو بانزا.


- سؤال: ما الذي بإمكان الأدب أن يقدمه للعالم الذي نعيش فيه، هذا العالم السريع في إيقاعه، الذي يبدو وكأنه غضّ النظرعمّا يسمى بالأدب؟


جواب: لا يزال الأدب اليوم يمارس الدور ذاته الذي كان يمارسه دائماً: إيجاد طريقة مختلفة للنظر الى الأشياء. تقوم كاميرا التلفاز بمهمة نقل الصور إلينا، لكنها تنظر بصورة مستقيمة، إذ ليس بمقدورها الدوران، لكن بمقدور الأدب أن يفعل ذلك، حيث تراه ينتقل الى الخلف، أبعد مما نستطيع أن نراه نحن.


- سؤال: يبدو أنك على علاقة وطيدة بالسينما، وخاصة بعد تحويل روايتك "سوستينه بيريرا" الى فيلم سينمائي ناجح في رأيي.


جواب: هذا صحيح، وأنا أتفق معك في ذلك.


- سؤال: هل تعتقد أن بمقدور السينما أن تغدو مكملة لعمل أدبي، ولها إمكانية تقريب الأحداث أكثرالى الآخرين؟


جواب: أعتقد عندما تُنقل قصة كتاب ما الى السينما، فأنها تتحول الى شيء آخر، الى لغة أخرى، وتصبح عملاً مستقلاً بذاته. وسوف يكون من الجهل، بالنسبة إلى الكاتب الذي يذهب لمشاهدة فيلم مأخوذ عن قصة له، إذا شعر أن هناك خيانة قد مورست ضده، لأن قصة الفيلم لا تشبه ما كتبه هو.
 


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قصص قصيرة جدا

إدواردو غاليانو* ترجمة: أسامة أسبر العالم صعد رجل من بلدة نيغوا، الواقعة على الساحل الكولومبي، إلى السماء. حين عاد وصف رحلته، وروى كيف تأمل الحياة البشرية من مكان مرتفع. قال: نحن بحرٌ من ألسنةِ اللهب الصغيرة. أضاف: العالم كومةُ من البشر، بحر من ألسنة اللهب الصغيرة. كل شخص يشع بضوئه الخاص وليس هناك لسانا لهب متشابهان. ثمة ألسنة لهب كبيرة وأخرى صغيرة من جميع الألوان. ألسنة لهب بعض البشر هادئة بحيث لا تتأجج حين تهب الريح، بينما يمتلك آخرون ألسنة لهب وحشية تملأ الجو بالشرار. بعض ألسنة اللهب الغبية لا تحرق ولا تضيء، لكن ثمة أخرى تفيض بلهب الحياة بحيث أنك لا تستطيع أن تنظر إليها دون أن ترف عيناك، وإذا اقتربت منها تضيئك.   العنب والخمر على فراش الموت، تحدث رجل يعمل في الكروم في أذن مرسليا. قبل أن يموت كشف السر هامساً: "إن العنب مصنوع من الخمر." هذا ما روته لي مارسيلا بيريث-سيلبا، وبعدها فكرتُ: إذا كان العنب مصنوعاً من الخمر، فربما نكون الكلمات التي تروي من نحن. فن للأطفال كانت تجلس على كرسي مرتفع أمام صحن من الحساء على مستوى العين. أنفها مجعد، أسنانها محكمة الإغلاق، وذراعاها

EL TIEMPO ENTRE COSTURAS

رواية اسبانية بنكهة مغربية أصبحت رواية الأديبة الإسبانية ماريا دوينياس "الوقت بين ثنايا الغرز"، التي تدور أحداثها في مدينة طنجة المغربية، إلى ظاهرة حقيقية حيث حققت مبيعات تجاوزت المليون نسخة، كما ترجمت لعدة لغات بينها الإنجليزية والألمانية كما تحولت إلى مسلسل تليفزيوني ضخم، سوف يبدأ عرضه مطلع 2012. وامتد نجاح الرواية ليتجاوز حدود إسبانيا حيث من المقرر أن تظهر ترجمتها الإنجليزية في الولايات المتحدة في نوفمبر المقبل، وفي نفس الشهر سوف يتم تكريم المؤلفة، في معرض جوادالاخارا الدولي للكتاب في المكسيك. وفي تصريحات لوكالة (إفي) قالت الأديبة دوينياس "أنا سعيدة لكل هذا النجاح الذي حققته الرواية، لأنه يؤكد أنها تتناول أحداثا ذات طبيعة كونية. تدور أحداث الرواية حول سيرا كيروجا، مصممة أزياء شابة، تضطر لمغادرة مدريد، بحثا عن حبيب مجهول، إلى أن تعثر عليه في مدينة طنجة التي كانت واقعة في تلك الأثناء تحت الاحتلال الإسباني، ويحاولان الاستقرار هناك. ومرة أخرى تجد سيرا نفسها مضطرة للرحيل إلى تطوان، والتي كانت أيضا تحت الاحتلال الإسباني (1902-1956)، هربا من الديون والشعور بالو

ظننتُ أنّ أحداً لم يعد يقرأني

  قصة: خايمي بيلي * ترجمة عن الإسبانية :  غدير أبو سنينة   سيّارة أجرة تمرّ أمام جدارية في العاصمة البيروفية ليما، آذار/ مارس 2022  عند وصولي إلى مدينة الغبار والضباب (يقصد ليما)، أعلن أحد عناصر طاقم الطائرة عبر مُكبِّر الصوت، وبنبرة مُبتهجة، كأنّما ينقل لنا أخباراً طيّبة، أننا سنستخدم دَرَجاً قديماً للهبوط، وسنضطرّ لحمل أمتعتنا واستقلال الحافلة، لنمارس رقصة الكومبيا عند كلّ منعطف نمرّ به، حتى من دون وجود موسيقى في الخلفية: يا مرحباً بكم في الفوضى ! ما إن يصل المسافرون، حتى يسيروا بأقصى سرعة كأنهم يُشاركون في مسابقة رياضية، كأنّ هناك جائزةً تُمنح لمن يصل أوّلاً إلى مكتب ضابط الهجرة. والحقيقة أنّ أحداً لا يصل أوّلاً، إذ يُصادفهم طابور طويل عريض مُتعرّج، يزحف مثل أفعى تُحتضر. لا جوائز، الجميع معاقَب بسبب البطء المُستفزّ لمن ينفّذون القانون بلا مبالاة .  بعد اجتياز عدّة ضوابط صارمة، يستقبلنا السائق بحذَر ويقودنا إلى الشاحنة المُدرَّعة، ذات النوافذ المُظلَّلة، يعرفُني باقي السائقين، يُحيُّونني بصُراخهم، يتبعونني، الحمقى، يعرضون علي خدماتهم، ويطلبون منّي بقشيشاً. أبدو لهم شخصاً فا