التخطي إلى المحتوى الرئيسي

محمد آيت حنا: أترجم لأن الآخرين يكتبون أفضل مني!

الأصل والنّسخة:
هل تكلّم السيّد عبد الجواد بلسانِه أم ترجمَه نجيب محفوظ إلى لسانٍ عربيّ مبين؟
النقاش عادةً ما يرتفع إلى مستوى تأمّلاتٍ ميتافيزيقية. هل الترجمة نسخة عن الأصل -بغض النّظر عن كونها نسخةً مشوّهةً أم أصيلة-؟ هل هناك أصلاً أصل؟
بالطّبع وجود الأصل الماديّ لا يمكن أن يطاله الشكّ، ما دام قد سبقَ وجودُه وجودَ الترجمة، وما دامت هي مدينة له بوجودها. لكن لا ضمان بأن لا يكون الأصل أيضًا ترجمةً!
المشكلةُ تكمن دومًا ها هُنا: في النّظر إلى الأصل والترجمة ككيانين منفصلين، كأصلٍ ولاحقٍ، في حين لا الأصل يهمّ ولا الترجمة، وإنّما ما يهمّ هو الما-بين، هو ما يحدث بينهما.
القنطرة أهمّ من المنطلق والمآل.

***
وجهات نظر:
أميل إلى رأي الأستاذ سعيد الغانمي، الذي يرى أنّ الترجمة لا يمكن أن تتمّ إلا في علاقةٍ بوجهات النّظر. وجهة نظر فكرية ووجهة نظر لغويّة. أمّا الأولى، فملك محفّظ للمؤلّف؛ الفكرةُ فكرتُه، وأثناء نقلك لها من لُغةٍ إلى أخرى ليس لك الحقّ بالمطلق في أن تحوّلها أو تغيّر فيها أو تجعل ظلال فكرك تتسرّب إليها. أمّا الثّانية فملك المترجم “على الأرجح”، له صلاحيةٌ واسعة في التنقّل على أرض لُغته واصطفاء ما يراه الأنسَب لنقلِ النّص الأصل.
أضيف إلى وجهتَي نظره أنّ ثمّة وجهةَ نظرٍ ثالثة: وجهة النظر الأسلوبية. وهذه ليست ملكًا للكاتب ولا للمترجم، وإنّما هي ملكٌ للنصّ. الأسلوب خاصّةُ النّص، والمترجم الجيّد هو المترجم الذي يحسن الإنصات إلى أسلوب النّص، سعيًا إلى أن يُحقّق النّصُّ المترجَم الأثرَ نفسه الذي حقّقه النّص في لُغته الأصل.
أتصوّر أنّ كامو قد يغفر لك أن تخطئ في نقل فكرتِه، لكنّه لن يغفر أبدًا نقل “الغريب” و”السقطة” بالأسلوب نفسه: لسانُ مورسو ليس هو نفسه لسان جان-باتيست كلامنس!
***
إلاّ علامات الترقيم:
كلّ شيء في الترجمة قابلٌ للنظر، كلّ شيء يتأرجح ما بين الانتماء إلى الأصل أو إلى الترجمة، ما عدا علامات الترقيم. سواء كانت علامات الترقيم في الأصل أم علامات الترقيم في الترجمة، فهي لن تتبع إلا إيقاع تنفّس القارئ!
***
حُلم:
في حلُم رأيتني ممدّدًا على سرير مستشفى… كان أولئك الذين يفتحون خطوطًا في جسدي ويخيطونها ثمّ يعاودون تفتيقها، ينادونني الطبيب…!
صادف الحُلم ترجمتي لكتاب “كاظم جهاد” عن شعرية الترجمة وترجمة الشعر عند العرب
***
كُتُبُنا مترجمَةً:
يرى غونزالو طافاريش، أنّ المؤلِّف لا يُترجَم حقًا، إلا حين يُترجم إلى لُغةٍ يجهلها بالمرّة. حين يصير متعذّرًا عليه قراءة نصّه. حين يغدو لزامًا عليه التسليم بكلامِ المترجم من الألف إلى الياء. في كلامه إضاءةٌ لوضعية الترجمة الذاتية، التي من المسلّم به تعذّرها. كلّ من ترجموا لأنفسهم، انتهوا إلى إنتاج نصّ آخر.
خبرتُ هذا الوضع عن قربٍ، أثناء اشتغالي مع المترجم والشّاعر العراقي كاظم جهاد على ترجمة كتابه “حصّة الغريب”…
***
مقايسة:
الترجمة هي نقلُ نصّ من لُغة مكتوبة إلى لُغة أخرى مكتوبة. أمّا نقلُ نصٍ مكتوبٍ إلى نصٍ شفهيّ، فيعني تحويله من سجلِّ المكتوب إلى سجلّ المنطوق، ولا يختلف ذلك عن تحويل رواية إلى فيلمٍ أو مسرحية، أي إلى أسلوبٍ تعبيريّ مغايرٍ، أسلوبٍ يعتمد الصورة أو النوتة أو اللّون أو… بدلاً من الكتابة.
ما يسمّى بالترجمة إلى العاميّة يقتاتُ على وهم أنّ اللغة ما إن تُشكَّل في حروفٍ حتّى تكون قد انتقلت من سجلّ الشفهيّ إلى سجلّ المكتوب!
***
الطريق الأقصر:
قاعدة معروفة في دراسة الفلسفة: الطريق المستقيم بين فيلسوفين هو أطول الطرق. لا بدّ من التفافات وانعطافاتٍ ليتيسّر الوصول. في الترجمة أيضًا قد يحدث أن يقصُر الطريق حين يحول بين الترجمة والأصل نصّ آخر، ترجمةٌ أخرى. ليست الترجمة عن ترجمة بالضرورة عمليةً مضلّلة تُبعدُنا عن الأصل. أحيانًا يحتاج الأصل إلى أن يمرّ عبر ترجمةٍ وسيطة، عبر لُغةٍ أخرى تفكّكه، وتجعله مقروءًا. وأحيانًا نحتاج في فهمنا للنصّ، من أجل ترجمته عن الأصل، قراءته في لُغة أخرى، في مختلف الترجمات التي تشكّل تاريخه الشخصيّ. دارسو هايدغر الألمان أنفسهم يرجعون إلى ترجمات أعماله الفرنسية، ليفهموه على نحوٍ أمثل..
أقول أحيانًا، أحيانًا فقط
***
نظام النقد المزدوج في اسطنبول:
ينبّهنا “أورهان باموق” في رواية اسمي أحمر، إلى طريقة فريدة ابتكرها الأتراك لضبط نظام النقد. لم يكن أحد يستطيع في ذاك الزمن أن يوقف استشراء سرطان التزييف. العملة الزّائفة كانت رائجة قدر رواج العملة الحقيقية. ابتكر الأتراك آنذاك نظام نقد مزدوج، ليس الزّائف مرفوضًا ينبغي إقصاؤه، هو أيضًا له قيمته، لكنّها أبدًا لن تعادل قيمة العملة “الحرّة” وعليه قد تمنحك ذهبيّة حرّة جوادًا وساعتين من اللّهو من الغلام لؤلؤة، بينما لن تمنحك العملة الزّائفة أكثر من جحش ونصف ساعة مع لؤلؤة.
على المنوال نفسه، اقتنعت منذ زمن بعيدٍ أنّني كقارئ، لن أستطيع تمييز الزائف من “الحر”، فابتكرتُ نظامي النقديّ المزدوج، فما عادَ يهمّني تقصّي المزيّف وإقصاؤه، وإنّما فقط معرفة ما يمكن أن أجني عبره من قيمة جمالية أو إبداعيّة!
***
نموذج لقطعتين نقديّتين إحداهُما على الأقلّ مزيّفة:
ثمّة مروية قصيرة لإدواردو غاليانو عنوانُها سعادة النسيان، قرأتُها في صيغتها العربيّة هكذا:
أقرأُ روايةً للويز إدريك. في نقطة ما من الحكي يلتقي والد جدٍ بابن حفيد. الشّيخ الذي نخر الزهايمر دماغه يبتسم ببلاهة تمامًا مثل الرّضيع حديث الولادة. الشيخ سعيد لأنّه فقد ذاكرته، والرضيع سعيد لأنّه لا يملك ذاكرة بعد.
تلك هي السّعادة الكاملة، ولا أريد شيئًا سواها.”
وفي صيغتها الفرنسية هكذا:
أقرأ رواية للويز إدريك. في نقطة ما من الحكي يلتقي والد جدٍ بابن حفيد. الشّيخ الذي نخر الزهايمر دماغه يبتسم ببلاهة تمامًا مثل الرّضيع حديث الولادة. الشيخ سعيد لأنّه فقد ذاكرته، والرضيع سعيد لأنّه لا يملك ذاكرة بعد.
تلك هي السّعادة الكاملة، لكنّني لا أريدها.”
***
حيوات عديدة:
على عكس ما يمكن أن يُظنَّ، ليست إعادة الترجمة إنهاكًا للنصّ وإفقارًا له، وإنّما إغناءً وتقويةً. حياةٌ واحدةٌ لا تكفي النصّ. يحتاج بعد فترة زمنية إلى أن يعادَ إحياؤه بترجمةٍ جديدة، أقلّه تخلصّه من تقادم اللّغة، وتضخّ فيه دماء ما استُجدّ من فهمٍ على ضوء الدراسات.
أقول بعد فترةٍ زمنية قد تطول. أمّا بالنسبة إلى الثقافات التي تولد فيها الترجمات شائهةً وميّتة، فتحتاجُ منذ لحظة ولادتها إلى إعادة ترجمة.
***
حواشي الترجمة:
كثيرون يبدون تبرّمهم من الحواشي في النّصوص المترجمة. ماركيز أحد أولئك المتبرّمين.
هو نقاشٌ دائمٌ لا يُمكن الفصل فيه. إلى أيّ درجةٍ يُمكن للمترجم أن يلجأ إلى الحواشي الشّارحة؟ ألا تُثقل الحواشي النّص؟ ثمّ أليست هي الشّاهد الملك على فشل النّص المترجم في أن يُعبّر ضمنَ حدوده الخاصة؟ ما حاجة النصّ إلى أن يفيض على حواشي الصفحة، غامرًا مساحةً لم تكن له في الأصل؟
أحسبُ أنّ الحواشي ليست مجرّد خيارٍ من خيارات المترجم. إنّه حاجة من حاجات النّص نفسه. فلو أنّ الأمر كان يتعلّق بخيارٍ ضمن خياراتٍ أخرى ممكنة، لكان تجنّبه أولى. إنّ الحواشي طريقة النّص في أن يعرض ذاتَه. مساحة الكتابة في الترجمة لا يمكن أن تطابق مساحتَها في الأصل. وكلّما بَعُدَ الزّمن بالنّص إلا وزادت الطبقات التي تترسّب فيه، كأنّما بطول الزمن يضيفُ ثيابًا إلى ثيابه. من هنا يحتاج المترجم إلى مساحة يعلّق فيها ما ينزعه من ثيابٍ عن النّص الأصل.
***
ناقل ماء:
أثناء تقديمي للكاتب البرتغالي غونزالو طافاريش، بالدّار البيضاء، أثار انتباهي إلى استعارة جميلة عن الترجمة هو نفسه اقتبسها من كاتب آخر، المترجم ناقل ماء، ينقل الماء بيديه من أرض إلى أرض، فليس غريبًا أنّ بعض المترجمين حين يصلون إلى أرض حِلِّهم يجدون الماء كلّه قد تسرّب من بين أصابعهم وسقط في الطريق. ماذا عن أولئك الذين يترجمون عن ترجمة؟ أن تأخذ الماء من يد مترجم آخر؟
ماذا عنك أنت؟ أنا.. أنا عطش أبديّ، لا يرتوي، أخشى ما أخشاه أن أشرب الماء الذي أحمله قبل أن أصل به. هي ذي التّرجمة بالنّسبة إلي، محاولة مستميتة للارتواء. ممارسة استشفائية، سعيٌ إلى إشباع حاجتي إلى القراءة. فيما مضى حين كنت قد اتّخذت قراراً غريباً بأن لا أكتب سوى القصّة كان يقيني راسخًا بأنّي لصٌّ يسعى إلى إخفاء ما يسرقه، ما يقرؤه. الآن بات يقيني ثابتًا بأنّ القراءة هي ما يسرقني، يسرقني من أيامي.
لمَ تكتبُ إذن؟ أكتب لأقرأ، لأنّها وسيلة للقراءة أجمل من القراءة نفسها. لا أستطيع أن أحيا إلا قارئًا.
لمَ عناء الترجمة إذن، اكتفِ بالكتابة. أوَ لم تفهم بعد؟ أترجم لأنّ الآخرين يكتبون أفضل منّي. لمَ لا تكتفي إذن بقراءتهم؟ لمَ لا تريح يديك؟ صدقًا لا أستطيع… يدّي لا تطاوعني.
***
بُقعةُ ضوء:
"قيل له: “من أنت؟ نحنُ نراكَ ولا نسمعُك ولا أحد يهتمّ لأمرك! قال: أنا الشّفيف، يمرّ النّور عبرَ جسدي كي يضيء لكَ الطّريق حتّى ترى وتسمع. لكنّك إن رأيتني أو سمعتني، فإنّني لا أظلّ أنا… من أنا؟ أنا المترجم. ترى نوري ولا تراني. وهذا يكفيني!"
(إدواردو غاليانو)

******
محمد آيت حنا: كاتب ومترجم مغربي مهتم بالفلسفة والأدب والجماليات. وُلد سنة 1981 بالرباط وبها أكمل مساره الدراسي. حصّل على دبلوم الدّراسات العليا المعمّقة في الفلسفة وتاريخ العلوم،وعلى شهادة التبريز في الفلسفة. صدرت له مجموعة قصصية بعنوان عندما يطير الفلاسفة، بالإضافة إلى الرغبة والفلسفة والقصة والتشكيل. كما ترجم الغريب لألبير كامو والدفتر الكبير لأغوتا كريستوف.


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قصص قصيرة جدا

إدواردو غاليانو* ترجمة: أسامة أسبر العالم صعد رجل من بلدة نيغوا، الواقعة على الساحل الكولومبي، إلى السماء. حين عاد وصف رحلته، وروى كيف تأمل الحياة البشرية من مكان مرتفع. قال: نحن بحرٌ من ألسنةِ اللهب الصغيرة. أضاف: العالم كومةُ من البشر، بحر من ألسنة اللهب الصغيرة. كل شخص يشع بضوئه الخاص وليس هناك لسانا لهب متشابهان. ثمة ألسنة لهب كبيرة وأخرى صغيرة من جميع الألوان. ألسنة لهب بعض البشر هادئة بحيث لا تتأجج حين تهب الريح، بينما يمتلك آخرون ألسنة لهب وحشية تملأ الجو بالشرار. بعض ألسنة اللهب الغبية لا تحرق ولا تضيء، لكن ثمة أخرى تفيض بلهب الحياة بحيث أنك لا تستطيع أن تنظر إليها دون أن ترف عيناك، وإذا اقتربت منها تضيئك.   العنب والخمر على فراش الموت، تحدث رجل يعمل في الكروم في أذن مرسليا. قبل أن يموت كشف السر هامساً: "إن العنب مصنوع من الخمر." هذا ما روته لي مارسيلا بيريث-سيلبا، وبعدها فكرتُ: إذا كان العنب مصنوعاً من الخمر، فربما نكون الكلمات التي تروي من نحن. فن للأطفال كانت تجلس على كرسي مرتفع أمام صحن من الحساء على مستوى العين. أنفها مجعد، أسنانها محكمة الإغلاق، وذراعاها

EL TIEMPO ENTRE COSTURAS

رواية اسبانية بنكهة مغربية أصبحت رواية الأديبة الإسبانية ماريا دوينياس "الوقت بين ثنايا الغرز"، التي تدور أحداثها في مدينة طنجة المغربية، إلى ظاهرة حقيقية حيث حققت مبيعات تجاوزت المليون نسخة، كما ترجمت لعدة لغات بينها الإنجليزية والألمانية كما تحولت إلى مسلسل تليفزيوني ضخم، سوف يبدأ عرضه مطلع 2012. وامتد نجاح الرواية ليتجاوز حدود إسبانيا حيث من المقرر أن تظهر ترجمتها الإنجليزية في الولايات المتحدة في نوفمبر المقبل، وفي نفس الشهر سوف يتم تكريم المؤلفة، في معرض جوادالاخارا الدولي للكتاب في المكسيك. وفي تصريحات لوكالة (إفي) قالت الأديبة دوينياس "أنا سعيدة لكل هذا النجاح الذي حققته الرواية، لأنه يؤكد أنها تتناول أحداثا ذات طبيعة كونية. تدور أحداث الرواية حول سيرا كيروجا، مصممة أزياء شابة، تضطر لمغادرة مدريد، بحثا عن حبيب مجهول، إلى أن تعثر عليه في مدينة طنجة التي كانت واقعة في تلك الأثناء تحت الاحتلال الإسباني، ويحاولان الاستقرار هناك. ومرة أخرى تجد سيرا نفسها مضطرة للرحيل إلى تطوان، والتي كانت أيضا تحت الاحتلال الإسباني (1902-1956)، هربا من الديون والشعور بالو

ظننتُ أنّ أحداً لم يعد يقرأني

  قصة: خايمي بيلي * ترجمة عن الإسبانية :  غدير أبو سنينة   سيّارة أجرة تمرّ أمام جدارية في العاصمة البيروفية ليما، آذار/ مارس 2022  عند وصولي إلى مدينة الغبار والضباب (يقصد ليما)، أعلن أحد عناصر طاقم الطائرة عبر مُكبِّر الصوت، وبنبرة مُبتهجة، كأنّما ينقل لنا أخباراً طيّبة، أننا سنستخدم دَرَجاً قديماً للهبوط، وسنضطرّ لحمل أمتعتنا واستقلال الحافلة، لنمارس رقصة الكومبيا عند كلّ منعطف نمرّ به، حتى من دون وجود موسيقى في الخلفية: يا مرحباً بكم في الفوضى ! ما إن يصل المسافرون، حتى يسيروا بأقصى سرعة كأنهم يُشاركون في مسابقة رياضية، كأنّ هناك جائزةً تُمنح لمن يصل أوّلاً إلى مكتب ضابط الهجرة. والحقيقة أنّ أحداً لا يصل أوّلاً، إذ يُصادفهم طابور طويل عريض مُتعرّج، يزحف مثل أفعى تُحتضر. لا جوائز، الجميع معاقَب بسبب البطء المُستفزّ لمن ينفّذون القانون بلا مبالاة .  بعد اجتياز عدّة ضوابط صارمة، يستقبلنا السائق بحذَر ويقودنا إلى الشاحنة المُدرَّعة، ذات النوافذ المُظلَّلة، يعرفُني باقي السائقين، يُحيُّونني بصُراخهم، يتبعونني، الحمقى، يعرضون علي خدماتهم، ويطلبون منّي بقشيشاً. أبدو لهم شخصاً فا