التخطي إلى المحتوى الرئيسي

خوسيه مارتي.. الشاعر شهيداً

لا اسم يعلو على اسم خوسيه مارتي José Martí بالخلود في كل تاريخ كوبا، بحيث لا يصح لأحد أن يقول إنه يعرف كوبا دون أن يعرف من هو خوسيه مارتي، فاسمه قد أطلق على أهم معالمها ابتداء ببوابة الدخول إليها وهو مطار هافانا الدولي وعلى الكثير من المؤسسات والمراكز والمدارس والشوارع والساحات والجوائز وغيرها.. وما أكثر الأغاني والقصائد التي تصدح باسمه.. لذا لا غرابة أن تسميه شهيدا ملء الفم في بلد تحكمه الاشتراكية والشيوعية التي لا تؤمن بمفهوم الشهادة الديني، لكن خوسيه مارتي استثناء، مثلما أن الشهادة هي صفة استثنائية تعلو على كل وصف لإنسان، ومارتي هو رمز فوق مختلف الرموز والمفاهيم هناك ما دام دستور كوبا نفسه كجمهورية اشتراكية قد تمت الاستعاضة عنه ببعض أفكار خوسيه مارتي منذ العام 1976م... إنه بطل كوبا الوطني وشهيدها الأكبر.

" إن ثمن الحرية مرتفع جداً، وإنه لمن الضروري أن نختار بين أن نستسلم للعيش بدونها أو أن نشتريها بثمنها مهما غلا."

خوسيه خوليان مارتي بيريث، الشاعر، الكاتب، المفكر، الصحفي، الفيلسوف، رائد الأدب الحديث في كوبا والسياسي الجمهوري الديمقراطي الليبرالي الذي أسس الحزب الثوري الكوبي من منفاه في نيويورك عام 1892 فكان النواة لثورة كوبا كلها حتى نيل استقلالها.

حياته:

ولد في هافانا في 28 يناير العام 1853 من أبوين اسبانيين، وعلى الرغم من أن والده قد كان برتبة رقيب أول في المدفعية الملكية الإسبانية إلا أن خوسيه مارتي قد كرس كل حياته لمقارعة الاستعمار الاسباني، بحيث تم اعتقاله وهو في السادسة عشرة من عمره بسبب أفكاره الثورية وكتابته لقصيدة وطنية، فحُكم عليه بالسجن ست سنوات مع الأشغال الشاقة، وبعد أن أمضى منها عاماً، وبسبب سوء حالته الصحية تم تخفيف الحكم ونفيه إلى إسبانيا، ولكنه لم يكف هناك عن مواصله نشاطاته وكتابة المنشورات السياسية إلى جانب مواصلته لدراسته الجامعية في سرقسطة، والتي أنهاها عام 1874 بنجاح ونال شهادة في القانون المدني وأخرى في الفلسفة والآداب. غادر بعدها إلى فرنسا ثم إلى المكسيك وبعدها إلى غواتيمالا حيث مارس التدريس في جامعتها الوطنية لمدة عام ثم عاد إلى كوبا ولكن تم نفيه مرة أخرى سنة 1879 بسبب مواصلته لكتاباته وأنشطته الثورية، فانتقل إلى الولايات المتحدة حيث عاش بين 1881 و1895 في نيويورك، ومن هناك كان يراسل العديد من الصحف المعروفة واسس مجلة للأطفال باسم (العمر الذهبي) لأنه يعتبر «الأطفال هم أمل العالم»، كما أصدر صحيفة (الوطن) وأسس الحزب الثوري الكوبي المنادي باستقلال كوبا. سافر بعدها إلى سانتو دومينغو عام 1895 وهناك كتب بيان مونتكريستي الشهير الذي كان إعلانا لبداية حرب الاستقلال الثانية والتي سماها بـ(الحرب الضرورية) فانطلقت يوم 24 فبراير 1895، لكن مارتي لم يتمكن من الوصول إلى كوبا حتى 11 أبريل 1895. وحال وصوله انضم إلى صفوف المقاتلين.. إلى أن استقرت في جسده ثلاث رصاصات وقتل يوم 19 مايو 1895 في معركة دوس ريوس.

أعماله:

ناضل خوسيه مارتي بالقلم والبندقية، وكرس كل حياته ومن ثم قدم روحه فداء من أجل وطنه كوبا ومن أجل حرية مجمل بلدان قارة أميركا الجنوبية والتي كان يسميها «أمي أمريكا»، وعلى صعيد الأدب كان رائداً في إدخال الحداثة على الأدب الكوبي وخلف إرثاً ثريا من القصائد والمسرحيات والقصص والمقالات، تم جمعها في أكثر من عشرين مجلداً إلا أن أبرزها أدبياً، في الشعر: (قصائد حرة) 1878، (إسماعيليو) أو (إسماعيل الصغير) 1882، (قصائد العمر الذهبي) 1889، (قصائد بسيطة) 1891، وفي المسرح: (الحب بالحب يُكافأ) 1875، (عبدالله) 1869، (وطن وحرية) 1895، ورواية (الصداقة المشؤمة) 1885.. وغيرها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قصص قصيرة جدا

إدواردو غاليانو* ترجمة: أسامة أسبر العالم صعد رجل من بلدة نيغوا، الواقعة على الساحل الكولومبي، إلى السماء. حين عاد وصف رحلته، وروى كيف تأمل الحياة البشرية من مكان مرتفع. قال: نحن بحرٌ من ألسنةِ اللهب الصغيرة. أضاف: العالم كومةُ من البشر، بحر من ألسنة اللهب الصغيرة. كل شخص يشع بضوئه الخاص وليس هناك لسانا لهب متشابهان. ثمة ألسنة لهب كبيرة وأخرى صغيرة من جميع الألوان. ألسنة لهب بعض البشر هادئة بحيث لا تتأجج حين تهب الريح، بينما يمتلك آخرون ألسنة لهب وحشية تملأ الجو بالشرار. بعض ألسنة اللهب الغبية لا تحرق ولا تضيء، لكن ثمة أخرى تفيض بلهب الحياة بحيث أنك لا تستطيع أن تنظر إليها دون أن ترف عيناك، وإذا اقتربت منها تضيئك.   العنب والخمر على فراش الموت، تحدث رجل يعمل في الكروم في أذن مرسليا. قبل أن يموت كشف السر هامساً: "إن العنب مصنوع من الخمر." هذا ما روته لي مارسيلا بيريث-سيلبا، وبعدها فكرتُ: إذا كان العنب مصنوعاً من الخمر، فربما نكون الكلمات التي تروي من نحن. فن للأطفال كانت تجلس على كرسي مرتفع أمام صحن من الحساء على مستوى العين. أنفها مجعد، أسنانها محكمة الإغلاق، وذراعاها

EL TIEMPO ENTRE COSTURAS

رواية اسبانية بنكهة مغربية أصبحت رواية الأديبة الإسبانية ماريا دوينياس "الوقت بين ثنايا الغرز"، التي تدور أحداثها في مدينة طنجة المغربية، إلى ظاهرة حقيقية حيث حققت مبيعات تجاوزت المليون نسخة، كما ترجمت لعدة لغات بينها الإنجليزية والألمانية كما تحولت إلى مسلسل تليفزيوني ضخم، سوف يبدأ عرضه مطلع 2012. وامتد نجاح الرواية ليتجاوز حدود إسبانيا حيث من المقرر أن تظهر ترجمتها الإنجليزية في الولايات المتحدة في نوفمبر المقبل، وفي نفس الشهر سوف يتم تكريم المؤلفة، في معرض جوادالاخارا الدولي للكتاب في المكسيك. وفي تصريحات لوكالة (إفي) قالت الأديبة دوينياس "أنا سعيدة لكل هذا النجاح الذي حققته الرواية، لأنه يؤكد أنها تتناول أحداثا ذات طبيعة كونية. تدور أحداث الرواية حول سيرا كيروجا، مصممة أزياء شابة، تضطر لمغادرة مدريد، بحثا عن حبيب مجهول، إلى أن تعثر عليه في مدينة طنجة التي كانت واقعة في تلك الأثناء تحت الاحتلال الإسباني، ويحاولان الاستقرار هناك. ومرة أخرى تجد سيرا نفسها مضطرة للرحيل إلى تطوان، والتي كانت أيضا تحت الاحتلال الإسباني (1902-1956)، هربا من الديون والشعور بالو

ظننتُ أنّ أحداً لم يعد يقرأني

  قصة: خايمي بيلي * ترجمة عن الإسبانية :  غدير أبو سنينة   سيّارة أجرة تمرّ أمام جدارية في العاصمة البيروفية ليما، آذار/ مارس 2022  عند وصولي إلى مدينة الغبار والضباب (يقصد ليما)، أعلن أحد عناصر طاقم الطائرة عبر مُكبِّر الصوت، وبنبرة مُبتهجة، كأنّما ينقل لنا أخباراً طيّبة، أننا سنستخدم دَرَجاً قديماً للهبوط، وسنضطرّ لحمل أمتعتنا واستقلال الحافلة، لنمارس رقصة الكومبيا عند كلّ منعطف نمرّ به، حتى من دون وجود موسيقى في الخلفية: يا مرحباً بكم في الفوضى ! ما إن يصل المسافرون، حتى يسيروا بأقصى سرعة كأنهم يُشاركون في مسابقة رياضية، كأنّ هناك جائزةً تُمنح لمن يصل أوّلاً إلى مكتب ضابط الهجرة. والحقيقة أنّ أحداً لا يصل أوّلاً، إذ يُصادفهم طابور طويل عريض مُتعرّج، يزحف مثل أفعى تُحتضر. لا جوائز، الجميع معاقَب بسبب البطء المُستفزّ لمن ينفّذون القانون بلا مبالاة .  بعد اجتياز عدّة ضوابط صارمة، يستقبلنا السائق بحذَر ويقودنا إلى الشاحنة المُدرَّعة، ذات النوافذ المُظلَّلة، يعرفُني باقي السائقين، يُحيُّونني بصُراخهم، يتبعونني، الحمقى، يعرضون علي خدماتهم، ويطلبون منّي بقشيشاً. أبدو لهم شخصاً فا