التخطي إلى المحتوى الرئيسي

'جائزة خوان رولفو' للكاتب البيروفي ألفريدو برايسي إتشينيكي

Alfredo Bryce Echenique

أعلن في الثالث من سبتمبر(أيلول) 2012 في المكسيك عن فوز الكاتب البيروفي ألفريدو برايسي إتشينيكي هذه السنة بالجائزة الأدبية الراقية (التي كان يطلق عليها'خوان رولفو') والتي تمنحها 'الجمعية المدنية للجوائز الأدبية في أمريكا اللاتينية والكرايب ' كل عام ضمن فعاليات المعرض الدّولي للكتاب لمدينة 'وادي الحجارة' المكسيكية في دورته السادسة والعشرين.
وتعتبرهذه الجائزة من أهمّ الجوائز الأدبية سواء في العالم الناطق بلغة سيرفانتيس في إسبانيا وإيبيروأمريكا،وباقي اللغات الرومانسية حيث يمكن المشاركة في هذاه المسابقة باللغات التالية: الإسبانية، الكطلانية، الجاليكية (لغة غاليسيا) الفرنسية، الأوكيتانية (لغة رومانسية في جنوب فرنسا وإيطاليا وفي البرانس الكطلانية) والإيطالية، والرومانية، والبرتغالية.
المعرض فضاء أكاديمي مفتوح
يعتبر المعرض الذي تمنح هذه الجائزة خلاله من أكبر وأهمّ معارض الكتب الذي ينظّم في العالم الإيبيروأمريكي. وقد أسّس هذا المعرض منذ ما ينيف على 26 عاما من طرف جامعة وادي الحجارة المكسيكية، وهو يعتبربمثابة مهرجان أدبي وثقافي كبير يستقطب العديد من الكتّاب والمثقفين والشعراء والنقاد والناشرين ورجال المال والأعمال والمشتغلين بأسواق الكتب وتوزيعها وترويجها الذين يشاركون في أعماله وفعالياته من جميع القارات وبمختلف اللغات، كما يعتبر هذا المعرض فضاء أكاديميا مفتوحا للتحاور والنقاش حول مختلف القضايا والمواضيع الكبرى التي تشغل الرأي العام العالمي في أزماننا المعاصرة. وتنظم بموازاة هذا المعرض مهرجانات للموسيقى، والسينما، والمسرح، ومختلف الفنون الأخرى لفرق قادمة من العديد من مناطق المكسيك ومن البلد الذي يستدعى في كل دورة من دوراته كضيف شرف، والذي كان هذا العام تشيلي. تبلغ قيمة هذه الجائزة 150.000 دولار أمريكي. وهي تمنح لمجموعة أعمال إبداعية في أيّ غرض من الأغراض الأدبية. وقد سبق أن حصل العديد من الأدباء من شبه الجزيرة الإيبيرية وأمريكا اللاتينية على هذه الجائزة منهم: التشيلي نيكانور بارّا، والمكسيكي خوان خوسيه أريولا، والأوروغوائي أوغوستو مونتيرّوسو، والكوبي إليسيو دييغو، والإسباني خوان غويتيسولو، والبرتغالي أنطونيو لوبو أنتونيس، والبرازيلية نيريدا بينيون، وكانت هذه الجائزة في العام الفارط من نصيب الكاتب الكولومبي المقيم في المكسيك والمثير للجدل فرناندو فايّيخو، وسواهم. ومن المنتظر أن يتمّ تنظيم حفل استلام هذه الجائزة في الرابع والعشرين من شهر نوفمبر القادم عند افتتاح الدورة السابعة والعشرين المقبلة من المعرض الدّولي للكتاب بمدينة' وادي الحجارة 'عاصمة ولاية خاليسكو المكسيكية.

كاتب من سلالة الملوك

الكاتب البيروني ألفريدو برايسي إتشينيكي (ولد في ليما 1939) يعتبر من أكبر الكتاب البيرونيين في بلده وفي أمريكا اللاتينية وفي العالم الناطق باللغة الإسبانية، وتعتبر كتبه المنشورة في حقبتي السبعينات والثمانينات-حسب النقاد- 'بمثابة نقطة فاصلة بين 'البوم الأمريكي اللاتيني' بواقعيته السحرية، (غابرييل غارسيا مركيز، خوليو كورتاثار، كارلوس فوينتيس، ماريو برغاس يوسا، وسواهم) وبين 'البوم الأدبي الذي تلاه في أمريكا اللاتينية والمتأثر بالواقعية القذرة للولايات المتحدة الامريكية' (إيزابيل أليندي، إيلينا بونياتوسكا، ولويسا بالينسويلا إلخ).
يتميّز الكاتب ألفريدو برايس إتشينيكي بقدرته على الجمع بين الكتابة التي تقوم على الخيال والصحافة المرويّة، وتتضمن كتاباته إنتقادات لاذعة للمجتمع البيروني وللطبقات العليا منه حتى وإن كان هو نفسه واحدا منها، فهو إبن حفيد رئيس البيرو السابق خوسيه روفينو إتشينيكي، بل إنّه ينحدر من سلالة آخر وال أو نائب للملك الإسباني في البيرو. وحياة البذخ والمال والجاه التي عاشها هذا الكاتب وسط المجتمع الليمي المخملي إنعكست في أعماله وإبداعاته الأدبية بشكل واضح خاصة في روايته الشهيرة 'عالم لجوليوس' التي نقلت الكاتب برايس إتشينيكي إلى عالم الشهرة من أوسع ابوابها عام 1979. من أعماله الاخرى: 'الحياة المبالغ فيها لمارتين رومانيا'(1981) و'الرجل الذي كان يتحدّث عن أوكتافيا '(1985) و'إمرأتان تتحاوران'(1990) و'ترخيص للعيش' (1993) و'لا تنتظروني في أبريل'، و' قصص كاملة' (1995) و'حقل محبوبتي'(2002) و'ترخيص للشعور' (2005). وكان ألفريدو برايسي إتشينيكي قد وقّع مع بلديّه الكاتب البيروني ماريو برغاس يوسا على بيان سياسي يدعوان فيه المواطنين البيروانيين للتصويت لصالح 'أوجانتا مويسيس أومالا' ( الرئيس الحالي للبيرو منذ 2011) والمرشّح للرئاسة البيرونية الذي فاز في صناديق الاقتراع على منافسته للظفر بكرسي الرئاسة المرشّحة 'كيكو فوجيموري'. وسبق للكاتب برايسي أن حصل على عدّة جوائز أدبية أخرى خارج بلاده مثل حصوله عام 1998 في إسبانيا على الجائزة الوطنية للرواية المكتوبة باللغة الإسبانية عن روايته 'حقل محبوبتي'، كما حصل على جائزة 'بلانيطا' عام 2002)، (التي تعتبر من أهمّ الجوائز الادبية الإسبانية إلى جانب جائزتي سيرفانتيس وأمير أستورياس). وقد منحه العاهل الإسباني خوان كارلوس الاوّل قلادة إيزابيل الكاثوليكية (1993) ووسام ألفونسو العاشر الحكيم (1999) كما منحته فرنسا عام (2000) وسام الفنون والآداب الفرنسية .بالإضافة إلى حصوله على عدّة جوائز وأوسمة أخرى داخل بلاده وخارجها.

كورتاثار المعلّم والصديق

وأشار رئيس لجنة التحكيم التي منحته هذا التكريم الأديب الكندي 'كالين أندريه مياليسكو' (من أصل روماني) أن الكاتب البيروني ألفريدو برايس إيتشينيكي يعتبر من الوجوه البارزة في الأدب الأمريكي اللاتيني المعاصر، وهو كاتب متتبّع وراصد عن كثب للحياة الأدبية والسياسية في أمريكا اللاتينية لجيله، وهو يعالج في إبداعاته مواضيع وقضايا متنوّعة حيث نجد في أدبه أجواء المرض، والسعادة، والحب، والحزن وهو يتحرّك بطواعية وتلقائية سواء داخل الرواية أو القصّة أو القوالب التعبيرية الأخرى،وقد عايشت أعماله الادبية والإبداعية وأثّرت في مختلف الأجيال المتعاقبة منذ ان نشر أولى قصصه 'الحقل المغلق'. يتّسم نثره بخفّة الدم وبالسخرية والتهكّم. كما عاش هذا الكاتب فترة عصيبة من حياته حيث إتّهم ببعض السرقات الادبية والانتحال أوصلته إلى المحاكم ولكنه خرج منها منتصرا كما يقول على الرغم من أدائه بعض الغرامات في هذا القبيل التي أكّد فيما بعد أنّها قد ردّت له، كماصرّح أنّ ما نشرمن مزاعم حول الكتابات المنتحلة التي نسبت إليه في هذا الشأن لم تكن في علمه، وأنّ ما أثير حوله في هذا الخصوص كان في نطاق حملة حيكت ضدّه من باب الكراهية والحقد.
قال الكاتب الفائز بهذا التكريم انه عندما كتب روايته الأولى 'عالم لجوليوس' كانت بمثابة وداع وقطيعة للعالم الذي عاشه من قبل وتربّى في كنفه، ولم يعد له من ذلك العالم سوى ومضات وانعكاسات لماض لم يعد له الآن وجود وقد ذهب من غير رجعة، وقال كذلك أن بعض رواياته الأخرى مثل 'الحياة المبالغ فيها لمارتن رومانيا' وروايته 'إلتهاب لوزتي طرزان' فهي ترجع لتأثيرات من بعض زملائه كتاب أمريكا اللاتينية الآخرين مثل الكاتب الأرجنتيني الذي يسمّيه ويطلق عليه 'المعلّم والصديق' وهو خوليو كورتاثارالذي كان يقول: 'ان كتاب أمريكا اللاتينية يظلون محبوسين ومنغلقين في البلدان التي ينتمون إليها، ولا يمعنون النظر أو يعيرون اهتماما للبلدان الجديدة التي يصلون إليها أو يعيشون فيها'..


                                   عن القدس العربي

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قصص قصيرة جدا

إدواردو غاليانو* ترجمة: أسامة أسبر العالم صعد رجل من بلدة نيغوا، الواقعة على الساحل الكولومبي، إلى السماء. حين عاد وصف رحلته، وروى كيف تأمل الحياة البشرية من مكان مرتفع. قال: نحن بحرٌ من ألسنةِ اللهب الصغيرة. أضاف: العالم كومةُ من البشر، بحر من ألسنة اللهب الصغيرة. كل شخص يشع بضوئه الخاص وليس هناك لسانا لهب متشابهان. ثمة ألسنة لهب كبيرة وأخرى صغيرة من جميع الألوان. ألسنة لهب بعض البشر هادئة بحيث لا تتأجج حين تهب الريح، بينما يمتلك آخرون ألسنة لهب وحشية تملأ الجو بالشرار. بعض ألسنة اللهب الغبية لا تحرق ولا تضيء، لكن ثمة أخرى تفيض بلهب الحياة بحيث أنك لا تستطيع أن تنظر إليها دون أن ترف عيناك، وإذا اقتربت منها تضيئك.   العنب والخمر على فراش الموت، تحدث رجل يعمل في الكروم في أذن مرسليا. قبل أن يموت كشف السر هامساً: "إن العنب مصنوع من الخمر." هذا ما روته لي مارسيلا بيريث-سيلبا، وبعدها فكرتُ: إذا كان العنب مصنوعاً من الخمر، فربما نكون الكلمات التي تروي من نحن. فن للأطفال كانت تجلس على كرسي مرتفع أمام صحن من الحساء على مستوى العين. أنفها مجعد، أسنانها محكمة الإغلاق، وذراعاها

EL TIEMPO ENTRE COSTURAS

رواية اسبانية بنكهة مغربية أصبحت رواية الأديبة الإسبانية ماريا دوينياس "الوقت بين ثنايا الغرز"، التي تدور أحداثها في مدينة طنجة المغربية، إلى ظاهرة حقيقية حيث حققت مبيعات تجاوزت المليون نسخة، كما ترجمت لعدة لغات بينها الإنجليزية والألمانية كما تحولت إلى مسلسل تليفزيوني ضخم، سوف يبدأ عرضه مطلع 2012. وامتد نجاح الرواية ليتجاوز حدود إسبانيا حيث من المقرر أن تظهر ترجمتها الإنجليزية في الولايات المتحدة في نوفمبر المقبل، وفي نفس الشهر سوف يتم تكريم المؤلفة، في معرض جوادالاخارا الدولي للكتاب في المكسيك. وفي تصريحات لوكالة (إفي) قالت الأديبة دوينياس "أنا سعيدة لكل هذا النجاح الذي حققته الرواية، لأنه يؤكد أنها تتناول أحداثا ذات طبيعة كونية. تدور أحداث الرواية حول سيرا كيروجا، مصممة أزياء شابة، تضطر لمغادرة مدريد، بحثا عن حبيب مجهول، إلى أن تعثر عليه في مدينة طنجة التي كانت واقعة في تلك الأثناء تحت الاحتلال الإسباني، ويحاولان الاستقرار هناك. ومرة أخرى تجد سيرا نفسها مضطرة للرحيل إلى تطوان، والتي كانت أيضا تحت الاحتلال الإسباني (1902-1956)، هربا من الديون والشعور بالو

ظننتُ أنّ أحداً لم يعد يقرأني

  قصة: خايمي بيلي * ترجمة عن الإسبانية :  غدير أبو سنينة   سيّارة أجرة تمرّ أمام جدارية في العاصمة البيروفية ليما، آذار/ مارس 2022  عند وصولي إلى مدينة الغبار والضباب (يقصد ليما)، أعلن أحد عناصر طاقم الطائرة عبر مُكبِّر الصوت، وبنبرة مُبتهجة، كأنّما ينقل لنا أخباراً طيّبة، أننا سنستخدم دَرَجاً قديماً للهبوط، وسنضطرّ لحمل أمتعتنا واستقلال الحافلة، لنمارس رقصة الكومبيا عند كلّ منعطف نمرّ به، حتى من دون وجود موسيقى في الخلفية: يا مرحباً بكم في الفوضى ! ما إن يصل المسافرون، حتى يسيروا بأقصى سرعة كأنهم يُشاركون في مسابقة رياضية، كأنّ هناك جائزةً تُمنح لمن يصل أوّلاً إلى مكتب ضابط الهجرة. والحقيقة أنّ أحداً لا يصل أوّلاً، إذ يُصادفهم طابور طويل عريض مُتعرّج، يزحف مثل أفعى تُحتضر. لا جوائز، الجميع معاقَب بسبب البطء المُستفزّ لمن ينفّذون القانون بلا مبالاة .  بعد اجتياز عدّة ضوابط صارمة، يستقبلنا السائق بحذَر ويقودنا إلى الشاحنة المُدرَّعة، ذات النوافذ المُظلَّلة، يعرفُني باقي السائقين، يُحيُّونني بصُراخهم، يتبعونني، الحمقى، يعرضون علي خدماتهم، ويطلبون منّي بقشيشاً. أبدو لهم شخصاً فا