التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الكاتب الإسباني مارتين غارثو: الذهاب إلى الذات يمر عبر الآخر

يتبنى الكاتب الاسباني غوستافو مارتين غارثو ذلك الدرس الصوفي الأثير الذي يقول إن الولوج إلى كنه الذات يمر بالضرورة عبر الآخر.
يقول مارتين غارثو ٬ الذي شارك الأسبوع الماضي بالرباط في ندوة حول "الذاتي والغيري" إن قضية الآخر قضية ذات بالدرجة الأولى٬ "فنحن لا نولد من صلبنا٬ بل نفتح أعيننا في أحضان ثقافة٬ أسرة٬ محيط اجتماعي.."٬ والثقافة البشرية شجرة من الاشتقاقات اللانهائية٬ مما يجعل مساءلة الذات تمر حتما عبر مساءلة الآخر "الذي يسكننا".واحد من دروس الشعر في رأيه هو ذلك الشعور بالنقص الذي يحفزنا على طلب الآخر الذي يكملنا. الأدب يتيح الإنصات إلى أصوات أخرى. يضخم الواقع ويسمح بتسليط الضوء على أقصى الجغرافيات وأعمق الأحاسيس وتعقب "اللغة المشتركة بين الكائنات".

وكان الكاتب الاسباني يتدخل تعقيبا على السؤال المحوري للجلسة "الأنا هي ثمرة الصورة التي لدى المرء عن نفسه٬ ويتم خلق هذه الصورة كذلك ٬ وفوق كل شيء٬ من خلال رأي الآخر. هل توجد هذه الثنائية؟ وهل يوجد هناك عبور ثقافي؟". ويندرج هذا السؤال ضمن المحور العام لأسبوع الآداب الذي ينظمه معهد ثيربانتيس بالرباط حول "الوضعية المزدوجة للكاتب".
يتأسس كنه الأدب٬ حسب مارتين غارثو على الإيمان بالقدرة على إعطاء شكل آخر للعالم٬ "الذي يمكننا أن نغيره بأحلامنا٬ وبأنماط حياتنا. وتلك مسؤوليتنا كأدباء"٬ على خلاف القناعات المتطرفة التي يطيب لها تكريس فكرة "الواقع قائم وثابت وأزلي".
وتوقف الكاتب عند تأثير الصوفية على الشعر٬ حيث يتقاطعان عند خلاصة أن الهوية ليست معطى محددا بل أفقا مفتوحا. يقول في هذا الصدد "داخلنا حياة نائمة٬ ووظيفة الشعر والأدب عموما أن ينبش فيها. ذلك أننا نحلم أن نستيقظ بهزة من الداخل".
إن الدرس الأول للشعر في نظره هو أن الواقع ليس حسيا فقط. ليس هو ما نراه ونلمسه. جزء من الواقع محجوب٬ غير منطوق..أسرار وأوهام وأحلام ورغبات...وتلك هي الموارد الخام للأدب.
يعتبر غوستافو مارتين غارثو أن الشاعر وسيط بين الواقعي المحسوس والمتعالي اللامحسوس٬ بفضل طاقة التخييل التي تجمع بين أصناف من الواقع لا تجتمع منطقيا في الحياة الحسية.
غوستافو مارتين غارثو من مواليد بلد الوليد عام 1948. أدار الصحيفة الأدبية "أون أنخيل ماس" بين 1987 و 1990. نشر حوالي عشرين رواية وحصل على الجائزة الوطنية للسرد عام 1994 وجائزة نادال عام 1999. صدر له مترجما إلى الفرنسية ٬ عن دار نشر فلاماريون٬ "الوريث الصغير" و"الحالمة".


                                                عن موقع هسبريس

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

9 من أفضل روايات أمريكا الجنوبية ننصحك بقراءتها

من البرازيل وحتى المكسيك، من تشيلي لبيرو ومرورًا بكوبا والإكوادور، في تلك البلاد والمجتمعات التي عانت كثيرًا من الاستعمار وقاومت لعقود عبر عشرات الثورات، من تلك البلاد الساحرة والمجتمعات الثرية بالحكايات كان أدب أمريكا اللاتينية جديرًا بالتبجيل والانتشار . ذلك الجمال الأدبي الساحر، والقصص والحكايات الإنسانية التي أبدع كتاب أمريكا الجنوبية في نسجها. ومن آلاف الكُتاب وعشرات الآلاف من الكتب والروايات الساحرة المنتمية لتلك البيئة نرشح لكم تلك الروايات التسعة .

المترجم عمر بوحاشي: الترجمة من الإسبانية للعربية تعرف قفزة نوعية بفضل ظهور جيل من المترجمين وتحديدا في شمال المغرب

حاورته: إيمان السلاوي يكشف المترجم المغربي عمر بوحاشي، في هذا الحوار، آخر أعماله المترجمة التي تهم رواية "الكوخ" للكاتب الإسباني بيثينتي بلاسكو إيبانييث، وكذلك عن إصداراته الأخيرة، ويقدم رؤية عن واقع الكتب المترجمة من الإسبانية إلى العربية في المغرب التي يعتبرها ذات مستقبل واعد . والمترجم حاصل على جائزة الترجمة من المعرض الدولي للنشر والثقافة بالدار البيضاء سنة 2014، عن رواية بعنوان "لسيدة بيرفيكتا" للكاتب المخضرم، بينيتو بيريث غالدوس، يؤكد أن “الترجمة تخلق نوعا من التفاعل الثقافي، وفتح الحوار بين الحضارات، وتساهم في انفتاح الشعوب على بعضها لتتعارف أكثر”. ويعتبر بوحاشي من جيل المترجمين الذين نقلوا أهم الكتب الإسبانية التي ساهمت في تشكيل المغرب في المخيلة الإسبانية خلال العقدين الأخيرين. فقد ترجم رواية "عيطة تطاون" لبينيتو بيريث غالدوس التي تعتبر منعطفا في الروايات التي كتبت حول المغرب لأنها تميزت بواقعية لم يعتدها الإنتاج الأدبي الإسباني حول الجار الجنوبي للإسبان .

عرض لكتاب "رحلة في جماليات رواية أمريكا اللاتينية"

صدر عن اتحاد الكتاب العرب بدمشق، 2007 تأليف د. ماجدة حمود   يجول هذا الكتاب عبر جماليات روايات من أمريكا اللاتينية، التي احتلت مكانا هاما في الساحة الثقافية العالمية، خاصة أن الباحث يحس بوشائج قربى مع هذا الأدب الذي يشاركنا في كثير من الهموم السياسية والاجتماعية والاقتصادية (التخلف، الاستبداد، الهيمنة الغربية...) ومع ذلك استطاع إبداع أدب أدهش العالم وما يزال! لهذا ليس غريبا أن يحصد أدباؤها كما كبيرا من الجوائز العالمية، قد منحت جائزة (نوبل) لشعراء (غابرييلا 1945، بابلو نيرودا 1971، أوكتافيو باث، 1990...) كما منحت لروائيين (ميغل أنخل أستورياس 1967، غابرييل غارثيا ماركيز 1982...) وقد رشح لهذه الجائزة أيضا كل (ماريو فارغاس يوسا) و (إيزابيل الليندي) بالإضافة إلى ذلك منحت جائزة ثرفانتس لعدد كبير منهم (كارنتيير 1977، بورخس 1979، أونيتي 1980، باث 1981، ساباتو 1984، فونتيس 1987، بوي كساريس 1990...) تحاول هذه الدراسة أن تجيب على التساؤل التالي: لِمَ تفوق هذا الأدب الذي ينتمي مثلنا إلى العالم الثالث، ووصل إلى العالمية رغم تخلف بلدانه؟ وقد اخترت تركيز الأضواء على جنس الرواية في أ...