التخطي إلى المحتوى الرئيسي

أشعار غارسيّا ماركيز تجوب أنفاق مترو موسكو

 راحت أشعار غابرييل غارسيّا ماركيز وكتاباته النثرية، تجوب الإسبوع الماضي، في رحلة بمعية الآلاف من ركاب القطارات، أنفاق مترو عاصمة الثلج موسكو. ويدخل هذا المشروع، الذي تم توزيع العديد من الإعلانات والمنشورات التي تعلن عنه، في جميع أحياء موسكو، ضمن حملة الترويج للثقافة العالمية التي تحاول الوصول الى أكبر عدد ممكن من الشعب الروسي، ومن أكثر الأماكن بعداً.

يتحدث أحدهم قائلاً: "لقد تبلورت لديّ فكرة القيام بقضاء طوال ساعات يومي في المترو، المزيّن بفقرات من الأعمال الإبداعية للكاتب الحاصل على جائزة نوبل للآداب، غابرييل غارسيّا ماركيز".

ورغم أن الإحتفال بمناسبة مرور 85 عاماً على ميلاد الكاتب الكولومبي، بدا متواضعاً في شكله، لكنه جاء أنيقاً في مضمونه، حيث إنتشرت أكثر من عشرين قصيدة، وبعض من كتاباته النثرية، ومعلومات وصور شخصية له، في قطارات المترو التي تجوب أحياء وشوارع عاصمة الثلج موسكو، إذ أنه من المعروف أن أعمال غارسيّا ماركيز الأدبية، وبصورة خاصة الشعرية منها، لم تر النور من قبل في روسيا، وتمت ترجمتها إحتفاءاً بهذه المناسبة، وهي أجمل هدية تقدّم لمعجبيه في عيد ميلاده.


وبات بإمكان المسافرين على قطارات المترو في موسكو، وإبتداءاً من الخامس والعشرين من أبريل/ نيسان الماضي، الإطلاع على أعمال الكاتب الكولومبي الشعرية، ضمن مشروع قوبل بالترحاب والتجاوب من لدن المسؤولين عن قطاع النقل بواسطة قطارات المترو في العاصمة الروسية.


وقد كانت محطة "ميزدونارودنايا" نقطة إنطلاق مشروع "الشعر في المترو"، الذي يشمل ثمان عربات، كل منها تم تزيينها بصور للكاتب، وفقرات من أعماله الشعرية والنثرية، باللغتين الإسبانية والروسية.


وكان بدأ حفل إفتتاح المشروع الذي حضره عدد من الدبلوماسيين من اميركا اللاتينية، وكبارالمسؤولين في الدولة الروسية، والطلبة الكولومبيين والصحفيين، بعزف موسيقي لفرقة "غرناطة" على رصيف محطة "ميزدونارودنايا".


يقول إيغور ييرمولينكو، نائب مدير المترو في موسكو: "هو مشروع فريد من نوعه، ومع ذلك، كانت سبقته مشاريع ممائلة له. ففي عام 2010، وبالتعاون مع السفارة التشيلية تم إطلاق قطار يحمل على متنه أشعار بابلو نيرودا، وغابرييلا ميسترال، والعديد من الكتّاب التشيليين البارزين". وأقيم المشروع إحتفالاً بمناسبة مرور 200 عاماً على إستقلال تشيلي. وفي العام الماضي، كان هناك قطار آخر من هذا النوع يجوب أنفاق موسكو، جاء نتيجة للتعاون بين روسيا والحكومة الإيطالية، عبر سفارتها في موسكو، في إطار الإحتفال بعام الثقافة واللغة الإيطالية في روسيا.


ويهدف هذا المشروع، بصورة عامة، الى إعطاء الفرصة لركاب المترو للإطلاع على الكلاسيكيين من الأدب العالمي، ومن مختلف الدول. وفيما يتعلق بالكاتب الكولومبي غابرييل غارسيّا ماركيز، أن الروسيين سيطلعون على النشاط الأدبي الآخر، وغير المعروف، على شكل واسع، في حياته، ألا وهو كتابته للشعر. ويجهل الجمهور الروسي قيام روائي شهير مثل مؤلف "مائة عام من العزلة"، بكتابة الشعر، وهو لا يزال طالباً.


وعندما قام غارسيّا ماركيز بزيارة موسكو في عام 1957، وهو في عزّ شبابه، كمراسل لصحيفة كولومبية، لم يكن قد خطر بباله أن يأتي اليوم الذي تزين شخصيات رواياته الغارقة في الوحدة، قطارات المترو التي تجوب المدينة الر وسية.


من بين القصائد التي كتبها غابرييل غارسيّا ماركيز، وزيّنت موسكو عربات قطاراتها بها، تلك التي أطلق عليها عنوان "إذا شخص ما طرق بابك"، والمنشورة في "مجلة أدبية خاصة بكلية غارسيّا ماركيز" عام 1945. هنا ترجمة لنص القصيدة:


صديقتي، إنْ طرق أحدٌ بابك


وشئ في دمك يخفق ولا يهدأ


وفي مجرى المياه، المتذبذبة،


العين كما إنسجام سائل،


إنْ طرق أحدٌ بابك،


ولا يزال لديك ما يكفي من الوقت لأن تكوني جميلة


ويجتمع الربيع كله في وردة


ومن بين الورد يموت النهار


إنْ طرق أحدٌ بابك في إحدى الصباحات


صوت حمائم وأجراس


وكنت ما زلت تؤمنين بالمعاناة وبالشعر


إنْ لا تزال الحياة حقيقة والقصيدة موجودة،


إنْ طرق أحدٌ بابك وكنت حزينة،


إفتحي، أنه الحب، يا صديقتي

                                       عن موقع ايلاف



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

9 من أفضل روايات أمريكا الجنوبية ننصحك بقراءتها

من البرازيل وحتى المكسيك، من تشيلي لبيرو ومرورًا بكوبا والإكوادور، في تلك البلاد والمجتمعات التي عانت كثيرًا من الاستعمار وقاومت لعقود عبر عشرات الثورات، من تلك البلاد الساحرة والمجتمعات الثرية بالحكايات كان أدب أمريكا اللاتينية جديرًا بالتبجيل والانتشار . ذلك الجمال الأدبي الساحر، والقصص والحكايات الإنسانية التي أبدع كتاب أمريكا الجنوبية في نسجها. ومن آلاف الكُتاب وعشرات الآلاف من الكتب والروايات الساحرة المنتمية لتلك البيئة نرشح لكم تلك الروايات التسعة .

قصص قصيرة جدا

إدواردو غاليانو* ترجمة: أسامة أسبر العالم صعد رجل من بلدة نيغوا، الواقعة على الساحل الكولومبي، إلى السماء. حين عاد وصف رحلته، وروى كيف تأمل الحياة البشرية من مكان مرتفع. قال: نحن بحرٌ من ألسنةِ اللهب الصغيرة. أضاف: العالم كومةُ من البشر، بحر من ألسنة اللهب الصغيرة. كل شخص يشع بضوئه الخاص وليس هناك لسانا لهب متشابهان. ثمة ألسنة لهب كبيرة وأخرى صغيرة من جميع الألوان. ألسنة لهب بعض البشر هادئة بحيث لا تتأجج حين تهب الريح، بينما يمتلك آخرون ألسنة لهب وحشية تملأ الجو بالشرار. بعض ألسنة اللهب الغبية لا تحرق ولا تضيء، لكن ثمة أخرى تفيض بلهب الحياة بحيث أنك لا تستطيع أن تنظر إليها دون أن ترف عيناك، وإذا اقتربت منها تضيئك.   العنب والخمر على فراش الموت، تحدث رجل يعمل في الكروم في أذن مرسليا. قبل أن يموت كشف السر هامساً: "إن العنب مصنوع من الخمر." هذا ما روته لي مارسيلا بيريث-سيلبا، وبعدها فكرتُ: إذا كان العنب مصنوعاً من الخمر، فربما نكون الكلمات التي تروي من نحن. فن للأطفال كانت تجلس على كرسي مرتفع أمام صحن من الحساء على مستوى العين. أنفها مجعد، أسنانها محكمة الإغلاق، وذراعاها...

عرض لكتاب "رحلة في جماليات رواية أمريكا اللاتينية"

صدر عن اتحاد الكتاب العرب بدمشق، 2007 تأليف د. ماجدة حمود   يجول هذا الكتاب عبر جماليات روايات من أمريكا اللاتينية، التي احتلت مكانا هاما في الساحة الثقافية العالمية، خاصة أن الباحث يحس بوشائج قربى مع هذا الأدب الذي يشاركنا في كثير من الهموم السياسية والاجتماعية والاقتصادية (التخلف، الاستبداد، الهيمنة الغربية...) ومع ذلك استطاع إبداع أدب أدهش العالم وما يزال! لهذا ليس غريبا أن يحصد أدباؤها كما كبيرا من الجوائز العالمية، قد منحت جائزة (نوبل) لشعراء (غابرييلا 1945، بابلو نيرودا 1971، أوكتافيو باث، 1990...) كما منحت لروائيين (ميغل أنخل أستورياس 1967، غابرييل غارثيا ماركيز 1982...) وقد رشح لهذه الجائزة أيضا كل (ماريو فارغاس يوسا) و (إيزابيل الليندي) بالإضافة إلى ذلك منحت جائزة ثرفانتس لعدد كبير منهم (كارنتيير 1977، بورخس 1979، أونيتي 1980، باث 1981، ساباتو 1984، فونتيس 1987، بوي كساريس 1990...) تحاول هذه الدراسة أن تجيب على التساؤل التالي: لِمَ تفوق هذا الأدب الذي ينتمي مثلنا إلى العالم الثالث، ووصل إلى العالمية رغم تخلف بلدانه؟ وقد اخترت تركيز الأضواء على جنس الرواية في أ...