التخطي إلى المحتوى الرئيسي

قصائد مختارة للشاعرالتشيلي نيكانور بارّا

  



إلى اللقاء
ترجمة: أحمد حسان

حانت ساعةُ الانسحاب
أنا مُمتنٌ للجميع
 للأصدقاء المُبهجين
 مثلما للأعداء المسعورين

 الشخصياتِ المقدسةِ التي لا تُنسى!
ما أتعسني
لو لم أكن قد نجحتُ في كسب

 النفور العام تقريبًا:
مرحى للكلاب الهانئة
 التي خرجت لتنبح فيَّ على الطريق!
 أودِّع حضراتكم

بكل بهجة العالم.
شكرًا من جديد، شكرًا
 أعترف بأن دموعي تنهمر
سنلتقي من جديد

في البحر، على الأرض، أينما كان.
أحسِنوا التصرف، اكتبوا
 واصلوا عمل الخُبز
 استمروا في نسج الأحابيل

أتمنى لكم كل أنواع الأمنيات:
بين ذُرى هذه الأشجار التي نسمِّيها السرو
أنتظركم مُكشِّرًا عن أنيابي


من ديوان  كأنما لا شيء يحدث في تشيلي (أبيات بارا لتضليل الشعر) - قصائد مضادة
ترجمة أحمد حسان
الهيئة العامة لقصور الثقافة  -مصر- 

************************

شُرْب النخب الأخير
ترجمة: نزار سرطاوي


سواء أعجَبَنا ذلك أم لم يعجبنا،
فليس أمامنا سوى خياراتٍ ثلاث:
الأمس واليوم وغداً.

وهي ليست حتى ثلاثة
لأنه كما يقول الفيلسوف
فالأمس أمس
ونحن لا نمتلكه إلّا في الذاكرة:
فمن الوردة التي تمّ اقتطافها
لا يمكن الحصول على المزيد من البتلات.

البطاقات التي يمكن اللعب بها
اثنتان فقط:
الحاضر والمستقبل.

وليس هناك حتى اثنتين
لأنّ هناك حقيقة معروفة
هي أن ّالحاضر لا وجود له
إلا حين يمرّ متقدمّاً شيئاً فشيئاً
ويُستَهْلَك
مثل سِنّ الشباب.

في النهاية
لا يبقى لدينا سوى الغد.
أرفع الكأس
نخب اليوم الذي لا يصل أبداً.


ولكن هذا هو كل شيء
تحت تصرّفنا.


************************

انبعاث
ترجمة: محمد الخطابي

ذات مرّة، في حديقة من حدائق نيويورك 
أقبلت نحوي حمامة
لتموت تحت قدمي
احتضرت بضع ثوان، ثمّ ماتت
إلاّ أنّ الذي حيّرني
وهو أمر لا يصدّق 
أنّها عادت للانبعاث فورا
دون أن تمنحني وقتا للقيام بأيّ شيء
ثمّ انطلقت طائرة
كما لو أنّها لم تمت قطّ
من بعيد رنّت، أجراس نواقيس 
ومكثت أنا، أحدّق النظر فيها مشدوها 
وهي تحلّق في اتجاهات متعرّجة
بين مجسّمات المرمر
والبنايات الشامخات
مرّت بخلدي أشياء كثيرة 
كان يوما من أيّام الخريف
ولكنّه بدا لي يوما ربيعيا رائعا

القصيدة مأخوذة عن موقع ثقافات

****************************
نيكانور بارّا (١٩١٤ ):
يعتبر "نيكانور بارّا " من أكبر شعراء جمهورية شيلي في العصر الحديث، وهو يقف في مصافّ كبار الكتّاب والمبدعين في هذا البلد الأمريكي اللاتيني شأن مواطنته الشاعرة البارزة "غابرييلا ميسترال" (التي كانت أوّل امرأة والوحيدة حتى الآن التي تفوز بجائزة نوبل في الآداب العالمية في أمريكا اللاتينية عام 1945)، و"بابلو نيرودا"، و"بيثينتي ويدوبرو"، و"غونثالو روخاس"، و"إيسابيل أييّندي"، و"خورخي إدواردز" وسواهم. لقد أسهم الشّاعر "بارّا " بقسط وافر في إثراء وإغناء اللغة الشّعرية في إسبانيا وفى مختلف بلدان أمريكا اللاتينية، كما أنه يتمتّع بروح مرحة، وسخرية لاذعة، ونظرة نقدية ثاقبة للمجتمع والحياة.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قصص قصيرة جدا

إدواردو غاليانو* ترجمة: أسامة أسبر العالم صعد رجل من بلدة نيغوا، الواقعة على الساحل الكولومبي، إلى السماء. حين عاد وصف رحلته، وروى كيف تأمل الحياة البشرية من مكان مرتفع. قال: نحن بحرٌ من ألسنةِ اللهب الصغيرة. أضاف: العالم كومةُ من البشر، بحر من ألسنة اللهب الصغيرة. كل شخص يشع بضوئه الخاص وليس هناك لسانا لهب متشابهان. ثمة ألسنة لهب كبيرة وأخرى صغيرة من جميع الألوان. ألسنة لهب بعض البشر هادئة بحيث لا تتأجج حين تهب الريح، بينما يمتلك آخرون ألسنة لهب وحشية تملأ الجو بالشرار. بعض ألسنة اللهب الغبية لا تحرق ولا تضيء، لكن ثمة أخرى تفيض بلهب الحياة بحيث أنك لا تستطيع أن تنظر إليها دون أن ترف عيناك، وإذا اقتربت منها تضيئك.   العنب والخمر على فراش الموت، تحدث رجل يعمل في الكروم في أذن مرسليا. قبل أن يموت كشف السر هامساً: "إن العنب مصنوع من الخمر." هذا ما روته لي مارسيلا بيريث-سيلبا، وبعدها فكرتُ: إذا كان العنب مصنوعاً من الخمر، فربما نكون الكلمات التي تروي من نحن. فن للأطفال كانت تجلس على كرسي مرتفع أمام صحن من الحساء على مستوى العين. أنفها مجعد، أسنانها محكمة الإغلاق، وذراعاها

EL TIEMPO ENTRE COSTURAS

رواية اسبانية بنكهة مغربية أصبحت رواية الأديبة الإسبانية ماريا دوينياس "الوقت بين ثنايا الغرز"، التي تدور أحداثها في مدينة طنجة المغربية، إلى ظاهرة حقيقية حيث حققت مبيعات تجاوزت المليون نسخة، كما ترجمت لعدة لغات بينها الإنجليزية والألمانية كما تحولت إلى مسلسل تليفزيوني ضخم، سوف يبدأ عرضه مطلع 2012. وامتد نجاح الرواية ليتجاوز حدود إسبانيا حيث من المقرر أن تظهر ترجمتها الإنجليزية في الولايات المتحدة في نوفمبر المقبل، وفي نفس الشهر سوف يتم تكريم المؤلفة، في معرض جوادالاخارا الدولي للكتاب في المكسيك. وفي تصريحات لوكالة (إفي) قالت الأديبة دوينياس "أنا سعيدة لكل هذا النجاح الذي حققته الرواية، لأنه يؤكد أنها تتناول أحداثا ذات طبيعة كونية. تدور أحداث الرواية حول سيرا كيروجا، مصممة أزياء شابة، تضطر لمغادرة مدريد، بحثا عن حبيب مجهول، إلى أن تعثر عليه في مدينة طنجة التي كانت واقعة في تلك الأثناء تحت الاحتلال الإسباني، ويحاولان الاستقرار هناك. ومرة أخرى تجد سيرا نفسها مضطرة للرحيل إلى تطوان، والتي كانت أيضا تحت الاحتلال الإسباني (1902-1956)، هربا من الديون والشعور بالو

ظننتُ أنّ أحداً لم يعد يقرأني

  قصة: خايمي بيلي * ترجمة عن الإسبانية :  غدير أبو سنينة   سيّارة أجرة تمرّ أمام جدارية في العاصمة البيروفية ليما، آذار/ مارس 2022  عند وصولي إلى مدينة الغبار والضباب (يقصد ليما)، أعلن أحد عناصر طاقم الطائرة عبر مُكبِّر الصوت، وبنبرة مُبتهجة، كأنّما ينقل لنا أخباراً طيّبة، أننا سنستخدم دَرَجاً قديماً للهبوط، وسنضطرّ لحمل أمتعتنا واستقلال الحافلة، لنمارس رقصة الكومبيا عند كلّ منعطف نمرّ به، حتى من دون وجود موسيقى في الخلفية: يا مرحباً بكم في الفوضى ! ما إن يصل المسافرون، حتى يسيروا بأقصى سرعة كأنهم يُشاركون في مسابقة رياضية، كأنّ هناك جائزةً تُمنح لمن يصل أوّلاً إلى مكتب ضابط الهجرة. والحقيقة أنّ أحداً لا يصل أوّلاً، إذ يُصادفهم طابور طويل عريض مُتعرّج، يزحف مثل أفعى تُحتضر. لا جوائز، الجميع معاقَب بسبب البطء المُستفزّ لمن ينفّذون القانون بلا مبالاة .  بعد اجتياز عدّة ضوابط صارمة، يستقبلنا السائق بحذَر ويقودنا إلى الشاحنة المُدرَّعة، ذات النوافذ المُظلَّلة، يعرفُني باقي السائقين، يُحيُّونني بصُراخهم، يتبعونني، الحمقى، يعرضون علي خدماتهم، ويطلبون منّي بقشيشاً. أبدو لهم شخصاً فا