التخطي إلى المحتوى الرئيسي

محسن الرملي: انعطافة إلى زمن ثربانتس


محمد الأصفر

ينطلق الكاتب والمترجم العراقي محسن الرملي في كتابه "الأدب الإسباني في عصره الذهبي" (دار المدى، 2015) من دراسة رصدَ فيها التحولّات التي طرأت على الفكر والآداب واللغة الإسبانية في القرنين السادس والسابع عشر، القرنين اللذين أطلق عليهما النقّاد تسمية "العصر الذهبي"، مُعرّفاً بأهم الكتّاب والشعراء وأعمالهم التي كانت مؤسِّسة لما جاء بعدها.

في الفصل الثاني، يقدّم الرملي خمسين قصة قصيرة لأربعة عشر كاتباً إسبانياً من العصر الذهبي، تتنوّع أعمالهم على مستوى الأشكال والمضامين، من التخييل والخرافة والتهكّم، إلى التاريخ والوعظ والموقف. 
فيما خصّص الفصل الذي يليه للشعر، فترجم أكثر من مائة قصيدة لأربعين شاعراً قبل أن يستوفي عرضه بالمسرحيات؛ حيث نعثر على أشهر كتّاب ذلك العصر؛ ميغيل دي ثربانتس. سبق للباحث العراقي أن ترجم أعمالاً كلاسيكية بارزة مثل مسرحية "فوينته أوبيخونا" لـ لوبه دي بيغا والدراما الشعرية "طالب سالامانكا" لـ خوسيه دي إسبرونثيدا، وكانت إحدى رسائله الجامعية بعنوان "تأثيرات الثقافة الإسلامية في رواية دون كيخوته". كما عُرف الرملي ككاتب قصص ورويات بالعربية مثل "الفتيت المبعثر" و"حدائق الرئيس" و"ذئبة الحب والكتب"، هو مقيم في إسبانيا منذ عام 1995؛ حيث يعمل أستاذاً في جامعة سانت لويس بمدريد. عن كتابه الأخير، 
يقول في حديث إلى "العربي الجديد": "جمعت نتاج أعوام طويلة ممّا ترجمته من الآداب الكلاسيكية الإسبانية، وقد بدأت في ذلك منذ سنواتي الجامعية التي اقتضت فيها دراستي لـ "دون كيخوته" أن أطّلع على المرحلة والمناخ الذي ظهر فيه العمل". يضيف: "كما حاولت أن أضيء هذه الترجمات بدراسات نقدية تفتح على ما يوازي الأدب من حياة اجتماعية وفكرية وسياسية، وخصوصاً تلك القضايا التي تهيمن على كل عصر فتصنع هويته، فمن دون معرفة النقاشات حول الدين والإنسان والطبيعة والتقنيات الأدبية واللغة، ليس من الممكن فهم النصوص". كعادته، حين يتناول الأدب الإسباني، تطرّق الرملي إلى دور الحضارة العربية في إثراء الثقافة الإسبانية؛ حيث كتب في المقدمة: "ليس لمجرد أنه من قبيل حُكم العادة أن نشير إلى دور الحضارة العربية الإسلامية وريادة الثقافة والأدب العربي وعظم دوره في التأسيس والمشاركة في بناء الحضارات والآداب الأخرى، والإسبانية منها بشكل خاص". يضيف: "هذه حقائق يقرّ بها الإسبان أنفسهم ويشخّصها الدارسون للأدب الإسباني، وبهذا الشأن يمكن مراجعة ما كتبه: خوان غويتيسولو وخوان بيرنيت وفرانثيسكو مونيوث وميغيل آسين بلاثيوس وأمريكو كاسترو وغيرهم". 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

9 من أفضل روايات أمريكا الجنوبية ننصحك بقراءتها

من البرازيل وحتى المكسيك، من تشيلي لبيرو ومرورًا بكوبا والإكوادور، في تلك البلاد والمجتمعات التي عانت كثيرًا من الاستعمار وقاومت لعقود عبر عشرات الثورات، من تلك البلاد الساحرة والمجتمعات الثرية بالحكايات كان أدب أمريكا اللاتينية جديرًا بالتبجيل والانتشار . ذلك الجمال الأدبي الساحر، والقصص والحكايات الإنسانية التي أبدع كتاب أمريكا الجنوبية في نسجها. ومن آلاف الكُتاب وعشرات الآلاف من الكتب والروايات الساحرة المنتمية لتلك البيئة نرشح لكم تلك الروايات التسعة .

قصص قصيرة جدا

إدواردو غاليانو* ترجمة: أسامة أسبر العالم صعد رجل من بلدة نيغوا، الواقعة على الساحل الكولومبي، إلى السماء. حين عاد وصف رحلته، وروى كيف تأمل الحياة البشرية من مكان مرتفع. قال: نحن بحرٌ من ألسنةِ اللهب الصغيرة. أضاف: العالم كومةُ من البشر، بحر من ألسنة اللهب الصغيرة. كل شخص يشع بضوئه الخاص وليس هناك لسانا لهب متشابهان. ثمة ألسنة لهب كبيرة وأخرى صغيرة من جميع الألوان. ألسنة لهب بعض البشر هادئة بحيث لا تتأجج حين تهب الريح، بينما يمتلك آخرون ألسنة لهب وحشية تملأ الجو بالشرار. بعض ألسنة اللهب الغبية لا تحرق ولا تضيء، لكن ثمة أخرى تفيض بلهب الحياة بحيث أنك لا تستطيع أن تنظر إليها دون أن ترف عيناك، وإذا اقتربت منها تضيئك.   العنب والخمر على فراش الموت، تحدث رجل يعمل في الكروم في أذن مرسليا. قبل أن يموت كشف السر هامساً: "إن العنب مصنوع من الخمر." هذا ما روته لي مارسيلا بيريث-سيلبا، وبعدها فكرتُ: إذا كان العنب مصنوعاً من الخمر، فربما نكون الكلمات التي تروي من نحن. فن للأطفال كانت تجلس على كرسي مرتفع أمام صحن من الحساء على مستوى العين. أنفها مجعد، أسنانها محكمة الإغلاق، وذراعاها...

EL TIEMPO ENTRE COSTURAS

رواية اسبانية بنكهة مغربية أصبحت رواية الأديبة الإسبانية ماريا دوينياس "الوقت بين ثنايا الغرز"، التي تدور أحداثها في مدينة طنجة المغربية، إلى ظاهرة حقيقية حيث حققت مبيعات تجاوزت المليون نسخة، كما ترجمت لعدة لغات بينها الإنجليزية والألمانية كما تحولت إلى مسلسل تليفزيوني ضخم، سوف يبدأ عرضه مطلع 2012. وامتد نجاح الرواية ليتجاوز حدود إسبانيا حيث من المقرر أن تظهر ترجمتها الإنجليزية في الولايات المتحدة في نوفمبر المقبل، وفي نفس الشهر سوف يتم تكريم المؤلفة، في معرض جوادالاخارا الدولي للكتاب في المكسيك. وفي تصريحات لوكالة (إفي) قالت الأديبة دوينياس "أنا سعيدة لكل هذا النجاح الذي حققته الرواية، لأنه يؤكد أنها تتناول أحداثا ذات طبيعة كونية. تدور أحداث الرواية حول سيرا كيروجا، مصممة أزياء شابة، تضطر لمغادرة مدريد، بحثا عن حبيب مجهول، إلى أن تعثر عليه في مدينة طنجة التي كانت واقعة في تلك الأثناء تحت الاحتلال الإسباني، ويحاولان الاستقرار هناك. ومرة أخرى تجد سيرا نفسها مضطرة للرحيل إلى تطوان، والتي كانت أيضا تحت الاحتلال الإسباني (1902-1956)، هربا من الديون والشعور بالو...