التخطي إلى المحتوى الرئيسي

جديد باولو كويلو.. أوراق محارب الضوء

 نبذة من أوراق محارب الضوء

"قالت المرأة، هناك جزيرة تقع إلى الغرب من القرية مباشرة، ويتربع على قمتها معبد ضخم يحتوي على أجراس عديدة، لاحظ الفتى غرابة ملابس المرأة، والوشاح الذي تعتمده على رأسها وتأكد أنه لم يسبق له أن رأها من قبل؛ سألته: هل سبق لك أن زرت ذلك المعبد؟ إذهب إلى هناك وأبلغني رأيك فيه؟ صُعق الفتى بحبال المرأة، ثم توجه إلى المكان الذي دلته عليه، جلس الفتى على الشاطئ؛ وراح يحدق في الأفق، لكنه لم ير إلا ما اعتاد دوماً على رؤيته: السماء الزرقاء...
شعر الفتى بخيبة شديدة وما لبث أن توجه إلى قرية قريبة يستخدمها الصيادون، ثم راح يسأل الذين إلتقاهم أن كانوا يعرفون شيئاً عن الجزيرة التي تضم المعبد، قال له أحد الصيادين المتقدمين في السن: "آه كان ذلك منذ سنوات عديدة، أي عندما كان أجدادي على قيد الحياة، حدثت هزة أرضية وابتلع البحر تلك الجزيرة، ومع أننا بتنا بعجز عن رؤيتها، لكنا ما نزال قادرين على سماع أصوات أجراس المعبد عندما يشرع المحيط بقرعها في الأعماق؛ عاد الفتى إلى الشاطئ وحاول أن يسمع أصوات الأجراس.
أمضى المساء بكامله هناك، لكنه لم يتمكن من سماع أي شيء وعدا صوت الموج، وصراخ طيور النورس... ومع أن الفتى لم يستطع سماع أصوات أجراس ذلك المعبد القديم، لكنه تعرف على أمور أخرى؛ وأدرك أنه بدأ يعتاد على سماع أصوات الأمواج التي لم تعد غامضة بالنسبة إليه؛ بدأ بعد فترة قصيرة بالتعود على صراخ طيور النورس، وعلى طنين النحل، وهبوب الريح التي تخترق أشجار النخيل...
مرت سنوات عديدة، كبر الفتى وأصبح رجلاً ثم عاد إلى القرية، وإلى الشاطئ الذي أمضى بقربه أجمل أيام طفولته، لم يعد يحلم بالعثور على الكنز الفارق في أعماق البحر، لأن ذلك الكنز قد يكون من صنع مخيلته فقط، ولعله لم يسمع، بالفعل، أصوات الأجراس الغارقة...
في ذلك المساء الغامض من مساءات طفولته، لكنه قرر، مع ذلك، أن يسير بمحاذاة الشاطئ، وأن يضفي إلى ضجيج الرياح، وإلى صرخات طيور النورس، هل تتصورون هول المفاجأة التي شعر بها الفنى عندما رأى، فوق ذلك الشاطئ، تلك المرأة التي تحدثت معه لأول مرة عن الجزيرة ومعبدها؟ سألها: ماذا تفعلين هنا؟ أجابت: كنت انتظرك...
لاحظ الفتى أن ملامح المرأة بقيت على حالها برغم مرور الأعوام، وأن الحجاب الذي يغطي شعرها لم تشحب ألوانه مع مرور الزمن، ناولت دفتر مذكرات أزرق اللون يحتوي على صفحات فارغة؛ "اكتب: يقدّر محارب الضوء عيون الأطفال، لأنها قادرة على التطلع إلى عالم يخلو من المرارة، وعندما يريد أن يعرف ما إذا كان الشخص الواقف إلى جانبه يستأهل ثقته، فسيحاول أن يراه كما يفعل الأطفال"، ومن يكون محارب الضوء هذا؟ "ابتسمت وأجابت أنت تعرفه جيداً، أنه ذلك الشخص الذي يقدر على فهم معجزة الحياة، وفهم كيفية النضال من أجل أمر ما يؤمن به حتى النهاية ويقدر على سماع الأجراس التي تقرعها الأمواج تحت قاع البحر". 

هكذا يحاول "باولو كويلو" تغليف أسلوبه بطابع رمزي محبب يجعله قادراً على المضي إلى أبعد الحدود في إستلهاماته وفلسفاته معرجاً على الفلسفة اليونانية من خلال تصويره سلوكيات محارب الضوء هذا وأخلاقياته؛ إلا أن التصوف الإسلامي ما غاب عن أفكار "باولو" إلى درجة وعلى ما يبدو أن شخصية "محارب الضوء" هذا كانت مستوحاة من قصةٌ لأحد كبار متصوفي الإسلام، والتي ساقها في مقدمة روايته هذه التي تستوقف القارئ مراراً وتكراراً متأملاً في إستشفافاتها وفي رمزيتها وفي فلسفتها إلى أبعد الحدود وإلى أبعد ما في السطور...
عن مكتبة النيل والفرات

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

9 من أفضل روايات أمريكا الجنوبية ننصحك بقراءتها

من البرازيل وحتى المكسيك، من تشيلي لبيرو ومرورًا بكوبا والإكوادور، في تلك البلاد والمجتمعات التي عانت كثيرًا من الاستعمار وقاومت لعقود عبر عشرات الثورات، من تلك البلاد الساحرة والمجتمعات الثرية بالحكايات كان أدب أمريكا اللاتينية جديرًا بالتبجيل والانتشار . ذلك الجمال الأدبي الساحر، والقصص والحكايات الإنسانية التي أبدع كتاب أمريكا الجنوبية في نسجها. ومن آلاف الكُتاب وعشرات الآلاف من الكتب والروايات الساحرة المنتمية لتلك البيئة نرشح لكم تلك الروايات التسعة .

المترجم عمر بوحاشي: الترجمة من الإسبانية للعربية تعرف قفزة نوعية بفضل ظهور جيل من المترجمين وتحديدا في شمال المغرب

حاورته: إيمان السلاوي يكشف المترجم المغربي عمر بوحاشي، في هذا الحوار، آخر أعماله المترجمة التي تهم رواية "الكوخ" للكاتب الإسباني بيثينتي بلاسكو إيبانييث، وكذلك عن إصداراته الأخيرة، ويقدم رؤية عن واقع الكتب المترجمة من الإسبانية إلى العربية في المغرب التي يعتبرها ذات مستقبل واعد . والمترجم حاصل على جائزة الترجمة من المعرض الدولي للنشر والثقافة بالدار البيضاء سنة 2014، عن رواية بعنوان "لسيدة بيرفيكتا" للكاتب المخضرم، بينيتو بيريث غالدوس، يؤكد أن “الترجمة تخلق نوعا من التفاعل الثقافي، وفتح الحوار بين الحضارات، وتساهم في انفتاح الشعوب على بعضها لتتعارف أكثر”. ويعتبر بوحاشي من جيل المترجمين الذين نقلوا أهم الكتب الإسبانية التي ساهمت في تشكيل المغرب في المخيلة الإسبانية خلال العقدين الأخيرين. فقد ترجم رواية "عيطة تطاون" لبينيتو بيريث غالدوس التي تعتبر منعطفا في الروايات التي كتبت حول المغرب لأنها تميزت بواقعية لم يعتدها الإنتاج الأدبي الإسباني حول الجار الجنوبي للإسبان .

عرض لكتاب "رحلة في جماليات رواية أمريكا اللاتينية"

صدر عن اتحاد الكتاب العرب بدمشق، 2007 تأليف د. ماجدة حمود   يجول هذا الكتاب عبر جماليات روايات من أمريكا اللاتينية، التي احتلت مكانا هاما في الساحة الثقافية العالمية، خاصة أن الباحث يحس بوشائج قربى مع هذا الأدب الذي يشاركنا في كثير من الهموم السياسية والاجتماعية والاقتصادية (التخلف، الاستبداد، الهيمنة الغربية...) ومع ذلك استطاع إبداع أدب أدهش العالم وما يزال! لهذا ليس غريبا أن يحصد أدباؤها كما كبيرا من الجوائز العالمية، قد منحت جائزة (نوبل) لشعراء (غابرييلا 1945، بابلو نيرودا 1971، أوكتافيو باث، 1990...) كما منحت لروائيين (ميغل أنخل أستورياس 1967، غابرييل غارثيا ماركيز 1982...) وقد رشح لهذه الجائزة أيضا كل (ماريو فارغاس يوسا) و (إيزابيل الليندي) بالإضافة إلى ذلك منحت جائزة ثرفانتس لعدد كبير منهم (كارنتيير 1977، بورخس 1979، أونيتي 1980، باث 1981، ساباتو 1984، فونتيس 1987، بوي كساريس 1990...) تحاول هذه الدراسة أن تجيب على التساؤل التالي: لِمَ تفوق هذا الأدب الذي ينتمي مثلنا إلى العالم الثالث، ووصل إلى العالمية رغم تخلف بلدانه؟ وقد اخترت تركيز الأضواء على جنس الرواية في أ...