التخطي إلى المحتوى الرئيسي

إدواردو غاليانو: لماذا أكتب؟

ترجمة: راضي النماصي



"أحاول من خلال الكتابة أن أجد أولئك الرجال والنّساء الذين يرغبون بالعدالة والجمال."

أريد أن أتحدث قليلًا عن لماذا وكيف أصبحت كاتبًا.
في البدء، اعترف: منذ كنت صغيرًا، حاولت أن أكون لاعب كرة قدم. لا زلت اللاعب رقم واحد، أفضل الأفضل، ولكن فقط خلال أحلامي. بمجرد أن أستيقظ، أقر بأن لديّ ساقين متخشّبتين، وأن لا خيار آخر لي سوى محاولة أن أكون كاتبًا.
حاولت، وما زلت أحاول، أن أقول الكثير بكلمات أقلّ. أن أبحث عن الكلمات المجرّدة على حساب البلاغة. كانت الكتابة ولاتزال صعبة، لكنّها في غالب الأحيان تعطيني شعورًا عميقُا ومتعة كبيرة، بعيدًا عن العزلة والنّسيان.

حاولت، وأحاول أن أكون ماهرًا بما يكفي لأتعلم الطيران في الظلام. حاولت، وأحاول أن أتقيأ كلّ ذلك الكذب الذي نتجرّعه كل يوم ونحن مجبرون. وحاولت، وأحاول أن أكون عصّياً، تجاه الأوامر التي يصدرها سادة العالم، والتي هي ضدّ ضمائرنا، وضدّ المنطق السليم.
حاولت، وأنا أحاول أن أفترض أنني لا يمكن أن أكون محايدًا، وألا أكون هدفًا لأنني لا أريد ذلك، فذلك ضد الرغبة البشرية.
حاولت، وأنا أحاول أن أشجب المثل القديم “الإنسان ذئب أخيه”. هذا كذب. الذئاب لا تقتل بعضها، نحن المخلوقات الوحيدة الذين تتخصص في قتل بعضها البعض.
حاولت، وأنا أحاول من خلال الكتابة أن أجد أولئك الرجال والنساء الذين يرغبون بالعدالة والجمال. هؤلاء هم أبناء عالمي، وممن يعيشون فيه، بغض النظر عن مكان مولدهم أو كيف عاشوا، وبغض النظر عن حدود الزمان.
حاولت، وما زلت أحاول أن أعاند بما يكفي، لأعتقد بأنّه على الرغم من أن الإنسان جُبل سيئًا، إلا أننا ناقصون.
حاولت، وآمل، وسأظل أحاول أن أختار الجانب الأيمن، والذي يكون دائمًا في الجانب الأيسر، لأجل قتالي السّاخط الأبدي ضدّ الإهانة.
حاولت، وأحاول. وصدقوني، الأمر يستحقّ.  لربما نستطيع أن نغير الجملة الشهيرة، التي كتبها صديقي ويليام شكسبير:
نعم، الحياة حكاية رواها غبيّ
مملوءة صخبًا وعنفًا، وتبين.. كل شيء!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ألقى غاليانو هذا الخطاب بتاريخ 9 مايو 2013 أثناء تسلمه جائزة مركز هيفن للعلوم الاجتماعية في ويسكونسن، الولايات المتحدة. وكانت الجائزة نظير نتاجه الأدبي.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

9 من أفضل روايات أمريكا الجنوبية ننصحك بقراءتها

من البرازيل وحتى المكسيك، من تشيلي لبيرو ومرورًا بكوبا والإكوادور، في تلك البلاد والمجتمعات التي عانت كثيرًا من الاستعمار وقاومت لعقود عبر عشرات الثورات، من تلك البلاد الساحرة والمجتمعات الثرية بالحكايات كان أدب أمريكا اللاتينية جديرًا بالتبجيل والانتشار . ذلك الجمال الأدبي الساحر، والقصص والحكايات الإنسانية التي أبدع كتاب أمريكا الجنوبية في نسجها. ومن آلاف الكُتاب وعشرات الآلاف من الكتب والروايات الساحرة المنتمية لتلك البيئة نرشح لكم تلك الروايات التسعة .

المترجم عمر بوحاشي: الترجمة من الإسبانية للعربية تعرف قفزة نوعية بفضل ظهور جيل من المترجمين وتحديدا في شمال المغرب

حاورته: إيمان السلاوي يكشف المترجم المغربي عمر بوحاشي، في هذا الحوار، آخر أعماله المترجمة التي تهم رواية "الكوخ" للكاتب الإسباني بيثينتي بلاسكو إيبانييث، وكذلك عن إصداراته الأخيرة، ويقدم رؤية عن واقع الكتب المترجمة من الإسبانية إلى العربية في المغرب التي يعتبرها ذات مستقبل واعد . والمترجم حاصل على جائزة الترجمة من المعرض الدولي للنشر والثقافة بالدار البيضاء سنة 2014، عن رواية بعنوان "لسيدة بيرفيكتا" للكاتب المخضرم، بينيتو بيريث غالدوس، يؤكد أن “الترجمة تخلق نوعا من التفاعل الثقافي، وفتح الحوار بين الحضارات، وتساهم في انفتاح الشعوب على بعضها لتتعارف أكثر”. ويعتبر بوحاشي من جيل المترجمين الذين نقلوا أهم الكتب الإسبانية التي ساهمت في تشكيل المغرب في المخيلة الإسبانية خلال العقدين الأخيرين. فقد ترجم رواية "عيطة تطاون" لبينيتو بيريث غالدوس التي تعتبر منعطفا في الروايات التي كتبت حول المغرب لأنها تميزت بواقعية لم يعتدها الإنتاج الأدبي الإسباني حول الجار الجنوبي للإسبان .

عرض لكتاب "رحلة في جماليات رواية أمريكا اللاتينية"

صدر عن اتحاد الكتاب العرب بدمشق، 2007 تأليف د. ماجدة حمود   يجول هذا الكتاب عبر جماليات روايات من أمريكا اللاتينية، التي احتلت مكانا هاما في الساحة الثقافية العالمية، خاصة أن الباحث يحس بوشائج قربى مع هذا الأدب الذي يشاركنا في كثير من الهموم السياسية والاجتماعية والاقتصادية (التخلف، الاستبداد، الهيمنة الغربية...) ومع ذلك استطاع إبداع أدب أدهش العالم وما يزال! لهذا ليس غريبا أن يحصد أدباؤها كما كبيرا من الجوائز العالمية، قد منحت جائزة (نوبل) لشعراء (غابرييلا 1945، بابلو نيرودا 1971، أوكتافيو باث، 1990...) كما منحت لروائيين (ميغل أنخل أستورياس 1967، غابرييل غارثيا ماركيز 1982...) وقد رشح لهذه الجائزة أيضا كل (ماريو فارغاس يوسا) و (إيزابيل الليندي) بالإضافة إلى ذلك منحت جائزة ثرفانتس لعدد كبير منهم (كارنتيير 1977، بورخس 1979، أونيتي 1980، باث 1981، ساباتو 1984، فونتيس 1987، بوي كساريس 1990...) تحاول هذه الدراسة أن تجيب على التساؤل التالي: لِمَ تفوق هذا الأدب الذي ينتمي مثلنا إلى العالم الثالث، ووصل إلى العالمية رغم تخلف بلدانه؟ وقد اخترت تركيز الأضواء على جنس الرواية في أ...