التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المشاركات

السّـر

  السّـر قصة: خوان خوسيه ساير(الأرجنتين) ترجمة: أحمد عبد اللطيف   اشترى تاجرُ أثاثٍ كرسيًا مستعملًا بمسند، ثم اكتشف ذات مرة يوميات حميمية قد دستها إحدى مالكاته القديمات. لسبب ما، ربما موت أو نسيان أو هرب مفاجئ أو حصار، ظلت اليوميات مختبئة حتى عثر عليها التاجر، الخبير في تصليح الأثاث، بمحض صدفة عند نفض ظهر الكرسي ليختبر صلابته. في ذاك اليوم ظل حتى وقت متأخر في متجره المكتظ بالأسرّة والكراسي والمناضد والدواليب، منهمكًا في الجزء الخلفي من المتجر في قراءة اليوميات الحميمية على ضوء مصباح وهو متكئ إلى مكتب. كانت اليوميات تكشف، يومًا وراء يوم، مشاكل كاتبتها العاطفية، وأدرك تاجر الأثاث، وهو رجل ذكي ومتحفظ، أن المرأة عاشت حياتها بشخصية غير شخصيتها الحقيقية، وأنه لصدفة لا يمكن تصديقها بات هذا الرجل يعرفها أكثر بكثير من كل هؤلاء الذين كانوا يحيطون بها وتظهر أسماؤهم في اليوميات. شرد تاجر الأثاث، وخلال شروده الطويل بدا له أن فكرة إخفاء شخص لشيء في بيته، بعيدًا عن نظر العالم -سواء كان ذلك يوميات أو أي شيء آخر - فكرة غريبة، شبه مستحيلة، غير أنه بعد دقائق، وفي اللحظة التي نهض فيها وبدأ يرتب مك
آخر المشاركات

القُــــــــــــبـــْـــــــــلَة

  القُــــــــــــبـــْـــــــــلَة قصة: إنريكي أندرسون إمبرت( 1910-2000 ) Enrique Anderson Imbert ترجمها: توفيق البوركي صمّمت ملكة إحدى بلدان الشّمال البعيدة، وكلّها غيظ، على الانتقام من الإسكندر الأكبر الذي رفض حبّها له. رُزقت بصبيّة من أحد عبيدها وأرضعتها سُمًّا. شبّت الفتاة، وكانت ذات جمال ساحر وقاتل. شفتاها يحملان الموت لمن سيقبّلهما. بعثت بها الملكة إلى الإسكندر ليتخذها زوجة. عندما رآها هذا الأخير، اهتاجت شهوته وأراد تقبيلها في الحال. لكن أرسطو، أستاذه في الفلسفة، اشتبه في أن الفتاة ليست إلا طُعما مُميتا. وحتى يتأكّد من الأمر، جعل مجرمًا محكومًا بالإعدام يُقبّلها. وبالكاد فعل، حتى خرّ صريعا يتلوّى من الألم. استنكف الإسكندر حينها عن تقبيل شفتي الفتاة، ليس لأنّهما كان يقطران سمّا، ولكن لأنّ رجلاً آخر قد شرب من تلك الكأس ." النص الأصلي: https://ciudadseva.com/texto/el-beso-imbert/ خاص بالمدونة©

المـــــــــــــــــــــــــوت

  المـــــــــــــــــــــــــوت قصة: إنريكي أندرسون إمبرت( 1910-2000 ) Enrique Anderson Imbert ترجمها: توفيق البوركي أبصرت سائقة السّيارة (فستانها أسود، وشعرها أسود، وعيناها سوداوان لكن وجهها شاحب جدّا وبالرّغم من انتصاف النّهار إلاّ أن بشرتها بَدتْ وكأنها قد تعرضت لومضة برق)  فتاة   على قارعة الطريق تشير إليها بيدها لتتوقّف. وتوقّفت . -أتصحبينني معك؟ إلى القرية لا أكثر- قالت الفتاة . -اصعدي - قالت السّائقة. وانطلقت السيارة بكل ما أوتيت من سرعة عبر الطريق المحاذي للجبل . -شكراً جزيلاً - قالت الفتاة بظرافة - لكن ألا تخشين الغرباء الذين تحملينهم معك في الطريق؟ قد يؤذونك. هذا المكان خال من البشر ! -لا، لا أخافهم. -وماذا لو حملتِ شخصا وهاجمك؟ -لا أشعر بالخوف. -وماذا لو قتلوك؟ -لا أشعر بالخوف. حقاً؟ اسمحي لي أن أقدّم نفسي - قالت الفتاة، وكانت ذات عينين واسعتين، صافيتين، حالمتين، وعلى الفور، وهي تكتم ضحكتها، تقمصت صوتا غائرا وكأنه قادم من كهف-: -أنا الموت، ا-ل-م-و-ت . ابتسمت سائقة السيارة ابتسامة غامضة . عند المنعطف التالي هوت السيارة. ماتت الفتاة عند سقوطه

الأبوروفوبيا (رهاب الفقراء): ليست رفضا للأجنبي وإنما هي رفض للفقير

حوار مع الفيلسوفة الإسبانية أديلا كورتينا ترجمة: توفيق البوركي مدخل: أنا أدعى أديلا كورتينا، أستاذة جامعية، أدرس مادة الأخلاق والفلسفة السياسية. كتبت عدة كتب من بينها:   لماذا تصلح الإيثيقا واقعيا؟"   و"الأبوروفوبيا، رفض الفقراء".   نص الحوار: سؤال: أود منك لو تشرحي قليلاً معنى الأبوروفوبيا (رهاب الفقراء)، وما الذي يحمله هذا المفهوم؟ جواب: كنت أتساءل هل هذا الرفض الكبير للأجنبي هو رفض عامّ أم أن الأمر يسري فقط على نوع محدد من الأجانب دون آخر. لأنه عند قدوم السياح، نكتب في الجرائد بحماس كبير: "لقد وفد إلينا 81 مليون سائح هذا العام". القضية، إذن، تتعلق بالأجانب الآخرين الذين يأتون من دون مال، الذين يأتون من الجانب الآخر لمضيق جبل طارق، في حالتنا. في الولايات المتحدة، قاموا بوضع سياج فاصل لمنع المكسيكيين، لكن أيضا لمنع النيكاراغويين، ومنع... لكن في المقابل، لم يُوضع لمنع عرب الخليج. كل هذا المزيج يقودنا إلى التساؤل، وهذا يحصل في جميع البلدان، هل من يزعج، في الحقيقة، هم الأجانب؟ أم أن من يزعج هم الفقراء سواء كانوا أجانب أم كانوا من أبناء الوط

المنتصرون والمنهزمون كضحايا.. رواية "خلية النحل" سجل توثيقي لحرب إسبانيا الأهلية

زكريا عبد الجواد في العام 1989 حصل الروائي الإسباني كاميلو خوسيه ثيلا على جائزة نوبل في الآداب، بعد أن كان الروائي المصري نجيب محفوظ قد حاز عليها في السنة السابقة مباشرة . وقتها كان هذا الأمر مثيرًا للانتباه لأن العالم الذي كانت روايات "محفوظ" تدور فيه، كان يعنى بتفاصيل الحياة في مدينة القاهرة، في حين يدور عالم رواية "خلية النحل"، التي منحت ثيلا الجائزة نفسها، حول تفاصيل الحياة في العاصمة الإسبانية مدريد، رغم أن هناك فارقا لافتا هو أن روايات "محفوظ" تتحرك في فضاء الزمان التاريخي للقاهرة، في حين تتحرك جميع روايات ثيلا في الفضاء المكاني لمدريد . فالمكان في رواية "خلية النحل" لخوسيه ثيلا ظل قادرًا على إنتاج قصص تتماشى مع فترة تاريخية محددة، كانت فيها البيئة الاجتماعية تعاني من اضطرابات متلاحقة، تمكّن ثيلا عبر العناصر الروائية من رسمها لتظهر فيها الحوادث والشخصيات بوضوح، ولتظهر أيضًا العلاقات التي تربط بينها وبين الأمكنة المختلفة من فنادق ومقاهٍ وبيوت وشوارع لا تمنح الفرصة للعابر الذي اعتاد على المكان لتجاوز حدود "الخلية"، أو المدينة

ظننتُ أنّ أحداً لم يعد يقرأني

  قصة: خايمي بيلي * ترجمة عن الإسبانية :  غدير أبو سنينة   سيّارة أجرة تمرّ أمام جدارية في العاصمة البيروفية ليما، آذار/ مارس 2022  عند وصولي إلى مدينة الغبار والضباب (يقصد ليما)، أعلن أحد عناصر طاقم الطائرة عبر مُكبِّر الصوت، وبنبرة مُبتهجة، كأنّما ينقل لنا أخباراً طيّبة، أننا سنستخدم دَرَجاً قديماً للهبوط، وسنضطرّ لحمل أمتعتنا واستقلال الحافلة، لنمارس رقصة الكومبيا عند كلّ منعطف نمرّ به، حتى من دون وجود موسيقى في الخلفية: يا مرحباً بكم في الفوضى ! ما إن يصل المسافرون، حتى يسيروا بأقصى سرعة كأنهم يُشاركون في مسابقة رياضية، كأنّ هناك جائزةً تُمنح لمن يصل أوّلاً إلى مكتب ضابط الهجرة. والحقيقة أنّ أحداً لا يصل أوّلاً، إذ يُصادفهم طابور طويل عريض مُتعرّج، يزحف مثل أفعى تُحتضر. لا جوائز، الجميع معاقَب بسبب البطء المُستفزّ لمن ينفّذون القانون بلا مبالاة .  بعد اجتياز عدّة ضوابط صارمة، يستقبلنا السائق بحذَر ويقودنا إلى الشاحنة المُدرَّعة، ذات النوافذ المُظلَّلة، يعرفُني باقي السائقين، يُحيُّونني بصُراخهم، يتبعونني، الحمقى، يعرضون علي خدماتهم، ويطلبون منّي بقشيشاً. أبدو لهم شخصاً فا