التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المترجمة بثينة الإبراهيم: الترجمة تقاوم القبح وتدخلنا غابة الكلمات

علي سعيد
جريدة الرياض
بالنسبة لبثينة الإبراهيم، الترجمة بمثابة مزاولة الرياضة اليومية. المترجمة السورية المقيمة في الكويت، احتفى بها متابعوها على شبكات التواصل لاتمام عامها الأول في نشر مقاطع أدبية واظبت على ترجمتها ونشرها كل صباح، إلى جانب استمرار مترجمة (أشباهنا في العالم) في رفد المكتبة بالأعمال التي نقلتها إلى العربية. عن تجربة الترجمة اليومية، تقول بثينة الإبراهيم: "كان أول مقطع أترجمه منفصلًا –أعني دون أن يكون في مقال أو عمل كامل- في شهر يونيو من العام الماضي، كنت أقرأ رواية لخابيير مارياس وأعجبتني عدة مقاطع من الرواية، كان أولها ذاك الذي يصف فيه يدي امرأة تجلس أمامه في القطار، لم يكن هناك خطة مسبقة لهذا، كان الأمر بسيطًا جدًا في حينها".
وحول مسألة الالتزام في الترجمة اليومية، وأهميته على المترجم من حيث تطوير الأدوات وصقل التجربة، تقول الإبراهيم: "ربما لا يلتزم كل المترجمين بترجمة يومية، إلا لو كانوا مرتبطين بأعمال يودون إنجازها سريعًا، لكن من تجربتي الشخصية؛ أجد أنها لا تختلف أبدًا عن ممارسة التمارين الرياضية يوميًا، كلاهما تصقل العضلات والمهارات". مضيفة: "لقد مكنتني الترجمة اليومية من الاطلاع على أساليب وأفكار متنوعة، وأدخلتني إلى غابة الكلمات التي وقعت في غرامها منذ صغري، وقدمت لي العلامات التي أستدلّ بها على الخروج كل يوم من هذه الغابة السحرية لأعود لها في اليوم التالي، وأدخلها كأنني أراها للمرة الأولى".

المترجمة السورية التي تهدي القرّاء كل صباح قطعة أدبية مترجمة، تجد أنها مدينة لفعل الترجمة نفسه، موضحة: "لقد أعطتني الترجمة اليومية الكثير، حين أنشأت الوسم #ترجمة_كل_يوم، كان الهدف منه أن أوثق لعملي بطريقة مختلفة كل صباح، وأحرص على أن تكون الترجمة صباحًا، لأن يومي ينتعش كثيرًا بعد إنهائي المقطع المختار مهما كان صغيرًا". معلنة: "أقاوم القبح بالترجمة اليومية، أحدث ثقبًا في النفق المسدود كي يتسلل منه الضوء، وأمسح قليلًا من الهباب الذي يغطي النافذة ويحجب عنا الرؤية، أو عني على الأقل!".
ولكن كيف ترى بثينة الإبراهيم مشهد الترجمة الشاب، في المدونات وغيرها، من خلال انفتاحها على الفضاء الإلكتروني، هل حقاً يمكن لنا أن نعوّل على هكذا مشهد؟. تجيب مترجمة رواية (ليكن الرب في عون الطفلة): "المشهد صار ملونًا للغاية، وبألوان مبهجة، لقد شهدت حركة الترجمة نشاطًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، والجميل أن هؤلاء الشباب ينشرونها في مدوناتهم المتاحة للجميع، أعني أنهم يفعلونها بشكل طوعي، ولا ضير طبعًا من تقاضي أجر مقابل الترجمة، لكني أعني أنهم يقومون بذلك لرغبتهم في مشاركة الآخرين الكنز الذي وقعوا عليه". مؤكدة أن هذا الأمر "يرفع مستوى المنافسة بين المترجمين عاليًا جدًا". مضيفة: "ربما لا يمكن التعويل على كل ما يترجم، لكنه يمنح القارئ المهتم خيارات واسعة، عندها يقرر هو بنفسه متابعة ما يستهويه أكثر من غيره".
وبين الأدب والدراسات الفكرية، كيف تصف بثينة الإبراهيم، فروقات عمل الترجمة، وهي التي نشرت العام المنصرم، ترجمة كتاب (الأخلاق في الحداثة السائلة) بالاشتراك مع الدكتور سعد البازعي. تعلق المترجمة السورية بالقول: "ليس هنالك عمل سهل في الترجمة، إنها مهمة شاقة للغاية، لكن درجة المشقة تختلف بحسب طبيعة العمل أو لغته أو عصره". مضيفة: "تتطلب الترجمة الكثير من البحث، ولا شك أنه يزداد في الكتب الفكرية، لطبيعة المحتوى المقدم، لكن المترجم الحاذق يتعامل مع كل أعماله بالمستوى نفسه من الجدية، إن أراد النجاح لعمله". بثينة الإبراهيم التي انتهت أخيراً من ترجمة كتابين، تصر أن يكونا مفاجأة.. أحد هذين العملين: "رواية عن امرأة غريبة الأطوار".

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

9 من أفضل روايات أمريكا الجنوبية ننصحك بقراءتها

من البرازيل وحتى المكسيك، من تشيلي لبيرو ومرورًا بكوبا والإكوادور، في تلك البلاد والمجتمعات التي عانت كثيرًا من الاستعمار وقاومت لعقود عبر عشرات الثورات، من تلك البلاد الساحرة والمجتمعات الثرية بالحكايات كان أدب أمريكا اللاتينية جديرًا بالتبجيل والانتشار . ذلك الجمال الأدبي الساحر، والقصص والحكايات الإنسانية التي أبدع كتاب أمريكا الجنوبية في نسجها. ومن آلاف الكُتاب وعشرات الآلاف من الكتب والروايات الساحرة المنتمية لتلك البيئة نرشح لكم تلك الروايات التسعة .

المترجم عمر بوحاشي: الترجمة من الإسبانية للعربية تعرف قفزة نوعية بفضل ظهور جيل من المترجمين وتحديدا في شمال المغرب

حاورته: إيمان السلاوي يكشف المترجم المغربي عمر بوحاشي، في هذا الحوار، آخر أعماله المترجمة التي تهم رواية "الكوخ" للكاتب الإسباني بيثينتي بلاسكو إيبانييث، وكذلك عن إصداراته الأخيرة، ويقدم رؤية عن واقع الكتب المترجمة من الإسبانية إلى العربية في المغرب التي يعتبرها ذات مستقبل واعد . والمترجم حاصل على جائزة الترجمة من المعرض الدولي للنشر والثقافة بالدار البيضاء سنة 2014، عن رواية بعنوان "لسيدة بيرفيكتا" للكاتب المخضرم، بينيتو بيريث غالدوس، يؤكد أن “الترجمة تخلق نوعا من التفاعل الثقافي، وفتح الحوار بين الحضارات، وتساهم في انفتاح الشعوب على بعضها لتتعارف أكثر”. ويعتبر بوحاشي من جيل المترجمين الذين نقلوا أهم الكتب الإسبانية التي ساهمت في تشكيل المغرب في المخيلة الإسبانية خلال العقدين الأخيرين. فقد ترجم رواية "عيطة تطاون" لبينيتو بيريث غالدوس التي تعتبر منعطفا في الروايات التي كتبت حول المغرب لأنها تميزت بواقعية لم يعتدها الإنتاج الأدبي الإسباني حول الجار الجنوبي للإسبان .

عرض لكتاب "رحلة في جماليات رواية أمريكا اللاتينية"

صدر عن اتحاد الكتاب العرب بدمشق، 2007 تأليف د. ماجدة حمود   يجول هذا الكتاب عبر جماليات روايات من أمريكا اللاتينية، التي احتلت مكانا هاما في الساحة الثقافية العالمية، خاصة أن الباحث يحس بوشائج قربى مع هذا الأدب الذي يشاركنا في كثير من الهموم السياسية والاجتماعية والاقتصادية (التخلف، الاستبداد، الهيمنة الغربية...) ومع ذلك استطاع إبداع أدب أدهش العالم وما يزال! لهذا ليس غريبا أن يحصد أدباؤها كما كبيرا من الجوائز العالمية، قد منحت جائزة (نوبل) لشعراء (غابرييلا 1945، بابلو نيرودا 1971، أوكتافيو باث، 1990...) كما منحت لروائيين (ميغل أنخل أستورياس 1967، غابرييل غارثيا ماركيز 1982...) وقد رشح لهذه الجائزة أيضا كل (ماريو فارغاس يوسا) و (إيزابيل الليندي) بالإضافة إلى ذلك منحت جائزة ثرفانتس لعدد كبير منهم (كارنتيير 1977، بورخس 1979، أونيتي 1980، باث 1981، ساباتو 1984، فونتيس 1987، بوي كساريس 1990...) تحاول هذه الدراسة أن تجيب على التساؤل التالي: لِمَ تفوق هذا الأدب الذي ينتمي مثلنا إلى العالم الثالث، ووصل إلى العالمية رغم تخلف بلدانه؟ وقد اخترت تركيز الأضواء على جنس الرواية في أ...