التخطي إلى المحتوى الرئيسي

إنها تمطر

فرناندو بيسوا*
ترجمة: سارة الأخرس
كلُّ قطرة مطرٍ تنزلُ هي حياتي الفاشلة الّتي تبكي في الطّبيعةِ. في كلِّ قطرةٍ بعدَ قطرةٍ، أو دلوٍ بعدَ دلوٍ، هناك شيءٌ من الضّجرِ حيالَ حزنِ الحياةِ الّذي ينهمرُ على الأرضِ دونَ جدوى.
إنّها تمطرُ، إنّها تمطرُ. روحي مكتئبةٌ من سماعِ المطرِ. مطرٌ كثيفٌ… لحمي ترطّبَ من إحساسي الجسديّ بهذا المطر.
يحملُ زكامٌ مؤلمٌ قلبي الضّعيف في يديه المتجمّدتين. السّاعاتُ الرّماديةُ تطولُ، وتتبدّدُ في الزّمن. واللّحظاتُ تجرُّ بعضها. إنّه مطرٌ كثيفٌ!
المزاريبُ تتقيّأ سيولًا صغيرةً من المياهِ المفاجئةِ. صوتُ انهمارِ المطرِ المقلقِ يثيرُ وعيي إلى وجودِ أنابيبَ تصريفِ المياه. يخفقُ المطرُ بتنهّدٍ وفتورٍ على اللّوحاتِ الزّجاجيّةِ.
تعصرُ يدٌ باردةٌ حنجرتي وتمنعني من تنفّسِ الحياة. كلُّ شيءٍ يموتُ فيّ، حتّى إدراكي أنّني قادرٌ على الحلم. لا أستطيعُ أن أرتاحَ جسدياً، حتّى أنّ الأشياءَ اللّينةَ الّتي أتكئُ عليها تطعنُ روحي بحوافِها الحادّة. وكلُّ العيونُ الّتي أنظرُ إليها هي عيونٌ استمدت دكنتها الرّهيبةَ من ضوءِ هذا النّهارِ الخفيف. عيونٌ تدعو للموتِ دونَ ألم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* شاعر وكاتب برتغالي 1888-1935 والمقطع من عمله "كتاب الضّجر".

 المصدر: العربي الجديد

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

9 من أفضل روايات أمريكا الجنوبية ننصحك بقراءتها

من البرازيل وحتى المكسيك، من تشيلي لبيرو ومرورًا بكوبا والإكوادور، في تلك البلاد والمجتمعات التي عانت كثيرًا من الاستعمار وقاومت لعقود عبر عشرات الثورات، من تلك البلاد الساحرة والمجتمعات الثرية بالحكايات كان أدب أمريكا اللاتينية جديرًا بالتبجيل والانتشار . ذلك الجمال الأدبي الساحر، والقصص والحكايات الإنسانية التي أبدع كتاب أمريكا الجنوبية في نسجها. ومن آلاف الكُتاب وعشرات الآلاف من الكتب والروايات الساحرة المنتمية لتلك البيئة نرشح لكم تلك الروايات التسعة .

المترجم عمر بوحاشي: الترجمة من الإسبانية للعربية تعرف قفزة نوعية بفضل ظهور جيل من المترجمين وتحديدا في شمال المغرب

حاورته: إيمان السلاوي يكشف المترجم المغربي عمر بوحاشي، في هذا الحوار، آخر أعماله المترجمة التي تهم رواية "الكوخ" للكاتب الإسباني بيثينتي بلاسكو إيبانييث، وكذلك عن إصداراته الأخيرة، ويقدم رؤية عن واقع الكتب المترجمة من الإسبانية إلى العربية في المغرب التي يعتبرها ذات مستقبل واعد . والمترجم حاصل على جائزة الترجمة من المعرض الدولي للنشر والثقافة بالدار البيضاء سنة 2014، عن رواية بعنوان "لسيدة بيرفيكتا" للكاتب المخضرم، بينيتو بيريث غالدوس، يؤكد أن “الترجمة تخلق نوعا من التفاعل الثقافي، وفتح الحوار بين الحضارات، وتساهم في انفتاح الشعوب على بعضها لتتعارف أكثر”. ويعتبر بوحاشي من جيل المترجمين الذين نقلوا أهم الكتب الإسبانية التي ساهمت في تشكيل المغرب في المخيلة الإسبانية خلال العقدين الأخيرين. فقد ترجم رواية "عيطة تطاون" لبينيتو بيريث غالدوس التي تعتبر منعطفا في الروايات التي كتبت حول المغرب لأنها تميزت بواقعية لم يعتدها الإنتاج الأدبي الإسباني حول الجار الجنوبي للإسبان .

عرض لكتاب "رحلة في جماليات رواية أمريكا اللاتينية"

صدر عن اتحاد الكتاب العرب بدمشق، 2007 تأليف د. ماجدة حمود   يجول هذا الكتاب عبر جماليات روايات من أمريكا اللاتينية، التي احتلت مكانا هاما في الساحة الثقافية العالمية، خاصة أن الباحث يحس بوشائج قربى مع هذا الأدب الذي يشاركنا في كثير من الهموم السياسية والاجتماعية والاقتصادية (التخلف، الاستبداد، الهيمنة الغربية...) ومع ذلك استطاع إبداع أدب أدهش العالم وما يزال! لهذا ليس غريبا أن يحصد أدباؤها كما كبيرا من الجوائز العالمية، قد منحت جائزة (نوبل) لشعراء (غابرييلا 1945، بابلو نيرودا 1971، أوكتافيو باث، 1990...) كما منحت لروائيين (ميغل أنخل أستورياس 1967، غابرييل غارثيا ماركيز 1982...) وقد رشح لهذه الجائزة أيضا كل (ماريو فارغاس يوسا) و (إيزابيل الليندي) بالإضافة إلى ذلك منحت جائزة ثرفانتس لعدد كبير منهم (كارنتيير 1977، بورخس 1979، أونيتي 1980، باث 1981، ساباتو 1984، فونتيس 1987، بوي كساريس 1990...) تحاول هذه الدراسة أن تجيب على التساؤل التالي: لِمَ تفوق هذا الأدب الذي ينتمي مثلنا إلى العالم الثالث، ووصل إلى العالمية رغم تخلف بلدانه؟ وقد اخترت تركيز الأضواء على جنس الرواية في أ...