التخطي إلى المحتوى الرئيسي

رائحة البصل

رائحــة البصــل

قصة: كاميلو خوصّي ثيلا
ترجمة: ابراهيم اليعيشي

كان مريضاً ولم يكن يملك فلساً واحداً، لكنه انتحر بسبب رائحة البصل التي كانت تفوح منه.
- أشم رائحة بصل نتنة، أشم رائحة بصل عفنة.
- اصمت يا رجل، أنا لا أشم شيئاً. أتريد أن أفتح النافذة؟ 
- لا، الأمر سيان بالنسبة لي. لن تذهب الرائحة، تفوح رائحة البصل من الجدران ويدايَ تفوحان بصلاً.

كانت الزوجة تجسيداً للصبر.
- أتريد أن تغسل يديك؟
- لا، لا أريد. قلبي أيضاً يفوح بصلاً.
- هدّئ من روعك.
- لا أستطيع، أشم رائحة بصل.
- هيا، حاول النوم قليلاً.
- لا أستطيع، كل شيء فيّ تفوح منه رائحة البصل.
- اسمع، أتريد كوب حليب؟
- لا أريد كوب حليب. أريد أن أموت. لا أريد شيئاً عدا أن أموت بسرعة. رائحة البصل تزداد مع مرور الوقت.
- لا تتفوه بهذه الحماقات.
- سأقول ما أشاء. أشم رائحة بصل!
يبدأ الرجل بالبكاء.
- أشم رائحة بصل.
- حسناً يا رجل، تفوح رائحة بصل.
- طبعاً تفوح رائحة بصل. رائحة نتنة!
تفتح المرأة النافذة. يبدأ الرجل بالصراخ وعيناه مغرورقتان بالدموع.
- أغلقي النافذة! لا أريد أن تفوح رائحة البصل.
- كما تريد.
تغلق المرأة النافذة.
- اسمعي، أريد ماءً في كوب وليس في كأس.
تذهب المرأة صوب المطبخ لتحضر كوب الماء لزوجها.
وبينما كانت المرأة تغسل الكوب سمعت صراخاً جهنمياً كما لو أن أحداً انفجرت رئتاه فجأة.
لم تسمع المرأة صوت ارتطام الجسم ببلاط الفناء. عوض ذلك أحسّت بألم في رأسها، ألم بارد وحاد كأنه وخزة إبرة طويلة جداً.
- آه!
خرج صراخ المرأة من النافذة المفتوحة، لكن لم يجب أحد. كان السرير فارغاً.
أطلّ بعض الجيران من النوافذ المطلّة على الفناء. ما الذي جرى؟

لم تكن المرأة قادرة على الكلام. لو كان بإمكانها فعل ذلك لكانت قالت: لا شيء، كانت فوح منه رائحة البصل قليلاً.
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
*Camilo José Cela كاتب وأكاديمي إسباني (1916-2002). من أهم أعماله الروائية "عائلة باسكوال دوارتي" (1942) و"خلية النحل" (1945). حصل سنة 1989 على جائزة نوبل للآداب وسنة 1995 على جائزة ثيربانتس.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

9 من أفضل روايات أمريكا الجنوبية ننصحك بقراءتها

من البرازيل وحتى المكسيك، من تشيلي لبيرو ومرورًا بكوبا والإكوادور، في تلك البلاد والمجتمعات التي عانت كثيرًا من الاستعمار وقاومت لعقود عبر عشرات الثورات، من تلك البلاد الساحرة والمجتمعات الثرية بالحكايات كان أدب أمريكا اللاتينية جديرًا بالتبجيل والانتشار . ذلك الجمال الأدبي الساحر، والقصص والحكايات الإنسانية التي أبدع كتاب أمريكا الجنوبية في نسجها. ومن آلاف الكُتاب وعشرات الآلاف من الكتب والروايات الساحرة المنتمية لتلك البيئة نرشح لكم تلك الروايات التسعة .

المترجم عمر بوحاشي: الترجمة من الإسبانية للعربية تعرف قفزة نوعية بفضل ظهور جيل من المترجمين وتحديدا في شمال المغرب

حاورته: إيمان السلاوي يكشف المترجم المغربي عمر بوحاشي، في هذا الحوار، آخر أعماله المترجمة التي تهم رواية "الكوخ" للكاتب الإسباني بيثينتي بلاسكو إيبانييث، وكذلك عن إصداراته الأخيرة، ويقدم رؤية عن واقع الكتب المترجمة من الإسبانية إلى العربية في المغرب التي يعتبرها ذات مستقبل واعد . والمترجم حاصل على جائزة الترجمة من المعرض الدولي للنشر والثقافة بالدار البيضاء سنة 2014، عن رواية بعنوان "لسيدة بيرفيكتا" للكاتب المخضرم، بينيتو بيريث غالدوس، يؤكد أن “الترجمة تخلق نوعا من التفاعل الثقافي، وفتح الحوار بين الحضارات، وتساهم في انفتاح الشعوب على بعضها لتتعارف أكثر”. ويعتبر بوحاشي من جيل المترجمين الذين نقلوا أهم الكتب الإسبانية التي ساهمت في تشكيل المغرب في المخيلة الإسبانية خلال العقدين الأخيرين. فقد ترجم رواية "عيطة تطاون" لبينيتو بيريث غالدوس التي تعتبر منعطفا في الروايات التي كتبت حول المغرب لأنها تميزت بواقعية لم يعتدها الإنتاج الأدبي الإسباني حول الجار الجنوبي للإسبان .

عرض لكتاب "رحلة في جماليات رواية أمريكا اللاتينية"

صدر عن اتحاد الكتاب العرب بدمشق، 2007 تأليف د. ماجدة حمود   يجول هذا الكتاب عبر جماليات روايات من أمريكا اللاتينية، التي احتلت مكانا هاما في الساحة الثقافية العالمية، خاصة أن الباحث يحس بوشائج قربى مع هذا الأدب الذي يشاركنا في كثير من الهموم السياسية والاجتماعية والاقتصادية (التخلف، الاستبداد، الهيمنة الغربية...) ومع ذلك استطاع إبداع أدب أدهش العالم وما يزال! لهذا ليس غريبا أن يحصد أدباؤها كما كبيرا من الجوائز العالمية، قد منحت جائزة (نوبل) لشعراء (غابرييلا 1945، بابلو نيرودا 1971، أوكتافيو باث، 1990...) كما منحت لروائيين (ميغل أنخل أستورياس 1967، غابرييل غارثيا ماركيز 1982...) وقد رشح لهذه الجائزة أيضا كل (ماريو فارغاس يوسا) و (إيزابيل الليندي) بالإضافة إلى ذلك منحت جائزة ثرفانتس لعدد كبير منهم (كارنتيير 1977، بورخس 1979، أونيتي 1980، باث 1981، ساباتو 1984، فونتيس 1987، بوي كساريس 1990...) تحاول هذه الدراسة أن تجيب على التساؤل التالي: لِمَ تفوق هذا الأدب الذي ينتمي مثلنا إلى العالم الثالث، ووصل إلى العالمية رغم تخلف بلدانه؟ وقد اخترت تركيز الأضواء على جنس الرواية في أ...