أحدث إصدارات دار سنابل للكتاب
بالقاهرة "عرب البحر" للكاتب الأسباني جوردي استيفا ومن ترجمة وتقديم
الدكتور طلعت شاهين، كتاب شيق يضم حكايات رحلة في الزمان والمكان، قام بها المؤلف
على مدى خمسة وعشرين عاما منطلقا من القاهرة إلى الخرطوم وجوبا بجنوب السودان، إلى
موانئ البحر الأحمر: سواكن
وبورتسودان والحديدة، لتأخذه بعد ذلك نداهة الترحال إلى اليمن وعمان حتى زنجبار في
محاولة لإعادة كتابة الماضي من منظور الحاضر، بحثا عن الماضي المزدهر لحضارة عربية
إسلامية قامت على فنون البحر وحولت المحيط الهندي ليصبح طوال قرون عديدة بحرا
عربيا خالصا، حضارة بحرية امتدت من موانئ الجزيرة العربية على البحر الأحمر وبحر
العرب وحتى موانئ شرق أفريقيا، ابنة الرياح الموسمية التي احتكر أسرارها البحارة
والتجار العرب، ومن خلالهم انتقل الإسلام حتى شواطئ الصين دون معارك أو غزوات،
وظلت هناك لقرون حتى أغارت عليها أطماع الغرب الاستعماري ونجحت في محو الهوية
العربية الإسلامية من شرق أفريقيا، ودفعتها إلى التراجع إلى شواطئ الجزيرة العربية.
بدأت حكايات هذا الكتاب كمغامرة قام بها الكاتب الأسباني "جوردي
استيفا" عام 1977 لاستعادة أحلام عاشها طفلا مع "مغامرات السندباد" الأسطورية:
سواكن ومخا أو قلهات على شواطئ البحر الأحمر، لتجذبه بعد ربع قرن إلى موانئ
أسطورية أخرى في اليمن وعُمان، ومنها إلى مومباسا ولامو وزنجبار على الشواطئ
الشرقية لأفريقيا التي كانت جزءا من إمبراطورية عربية إسلامية مركزها عُمان استمرت
لقرون، وشكلت مشاهد من حكايات رحالة سابقين مثل ابن بطوطة في القرن الرابع عشر، أو
وليفريد ثيزنجر بعده بستة قرون.كتاب "عرب البحر" يشكل نموذجا لأدب الرحلة بكل ما يعنيه هذا التعبير، اندمج خلاله الكاتب في واقع مختلف عاد به إلى قرون عديدة مضت، ورغم ما طرأ على هذا الواقع من تغييرات مأساوية فإن الكاتب قدم وصفا رائعا لعرب أسطوريين محاولا استعادتهم قبل أن تختفي آخر آثارهم تحت وقع الحداثة.
يكشف هذا الكتاب أيضا عن مأساة اقتلاع الثقافة العربية الإسلامية من شرق أفريقيا في الستينيات من القرن العشرين بتخطيط من الاستعمار البريطاني تحت مسمى ثوري، مأساة وقعت ولا يذكرها أحد حصدت مئات الآلاف من البشر، وكانت سابقة لا مثيل لها تكتم عليها الإعلام الغربي والمؤسسات الدولية التابعة، وإن كانت ذاكرة البعض من أحفاد العرب هناك لا تزال تحتفظ بصورها وتجترها وكأنها وقت بالأمس.
"عرب البحر" يقع في 500 صفحة من القطع الكبير يحكي فيه المؤلف جوردي استيفا رحلاته وتنقلاته والمخاطر التي تعرض لها بأسلوب أقرب إلى حكايات ألف ليله وليلة، وتكشف عن معرفة عميقة بتاريخ هذه المنطقة الواسعة منذ الإمبراطوريات العمانية في القرون الوسطى وحتى عالمنا المعاصر الذي تمزقت فيه هذه الإمبراطوريات وتحولت إلى مجرد آثار يحاول أبناء عُمان والموانئ الواقعة في البلاد المجاورة الحفاظ عليها باعتبارها آثار الأجداد.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عن الصفحة الرسمية للمترجم على موقع الفايس بوك.
تعليقات
إرسال تعليق