التخطي إلى المحتوى الرئيسي

مختارات من القصة البرتغالية


مختارات من القصة البرتغالية
ماريو إنريكي لايريا
ترجمها عن اللغة البرتغالية سعيد بن عبد الواحد

وصولية

بعد أن اختلس المربى ثلاث مرات من بيت الأطعمة، حذره أبوه.
بعد أن سطا على صندوق السيد "إشطيفيش"، صاحب البقالة في زاوية الزقاق، طرده أبوه من البيت.
عاد بعد اثنتين وعشرين سنة رفقة سائق يرتدي بدلة رسمية.
أصبح مديرا عاما للأمن. أصيب والده بأزمة قلبية.

فجوة

ـ اصعد ـ أمر السيناتور "سبيرادغولد" ربان طائرته الخاصة.
هدرت المروحية ثم تعالت في الأجواء، تتمايل بعض الشيء.
ـ أسرع ـ قال السيناتور مستعجلا الربان المنتبه.
ضغط الربان على الزر. فُتحت خلفية الطائرة، فانزلق السيناتور "سبيرادغولد"، بنجاعة، إلى سطح الأرض.
ـ هذه أمور تحدث أحيانا ـ قال للربان الجاسوس الروسي الذي كان مختبئا في قنينة مشروب جين.

خطبة

مدت ذراعيها بحنان وتقدمت بيدين مبسوطتين تفيضان تأثرا :
ـ أهذا أنت "إرنسطو"، حبيبي؟
لم يكن هو. كان "برناردو".
لكن ذلك لم يمنعهما من أن يُرزقا الكثير من البنين ويحرما من السعادة.
هذا ما يسببه قصر البصر.

زواج

"في الشدة والرخاء، في السراء والضراء، إلى أن يفرق بينكما الموت."
هذا صحيح.
كنت دائما وفيا لما التزمت به.
لذا خنقتها وذهبت لحالي.


مفاجآت الصيد

لم أصطد شيئا.
كنت أستعد لأعود للبيت، لكني قررت أن أرمي الصنارة للمرة الأخيرة.
شعرت بجذب قوي. أمسكت بقوة وبدأت أطوي الخيط بحذر وتؤدة. وإذا بي أرى نازيا يأتي مع الصنارة! نعم، نازي حقيقي، من كبار النازيين! كانت دهشتي كبيرة، لأنهم أخبروني أنه لم يعد لهم وجود. حاولت أن أسحبه مستعينا بالشّباك وذهبت للتو لأتأكد من الأمر. كان نازيا، بالفعل. هل تتصورون؟ جنرال وعضو في المخابرات السرية النازية. بقلنسْوته، وميدالياته، وصليبه المعقوف، وما إلى ذلك. كيف يمكن للمرء أن يصدق ما يقال له! وضعته طريا في علبة صفيحية، وبعثت به إلى معامل السمك الوطنية. هنالك، قد يعرفون ما يصنعون به. أما أنا، صراحة، فلا ينفعني في شيء.

حكاية نموذجية

دخلتُ.
ـ انزع قبعتك ـ قال السيد المدير.
نزعت قبعتي.
ـ اجلس ـ أمر السيد المدير.
جلست.
ـ ماذا تريد؟ ـ سألني السيد المدير.
نهضت، وضعت القبعة، ووجهت صفعتين إلى السيد المدير.
خرجتُ.

خطأ

أصبح هدير المحركات مدويا. ثم ران الصمت، فجأة.
ذهب إلى النافذة ونظر.
هناك في الأسفل، توقفت السيارات، عند باب البيت الفخم بالضبط. فُتحت الأبواب، وبدأ ينزل رجال بلباسهم الرسمي، بعضهم ينتعل أحذية عالية، وينظر إلى أعلى.
تراجع قليلا إلى الخلف، حتى لا يراه أحد من الخارج. أسند قناة الرشاشة إلى زاوية النافذة، اتكأ بقوة على الورك، وأطلق أول رشقة نارية في حركة دائرية حذرة. ثم استمر.
أخطأ. لأول مرة.
جاؤوا فقط ليخبروه أنه قد انتخب رئيسا.

توقف القتال

كان ابنا لامرأة من كوكب الأرض ورجل من زحل. له أذنان ذليقتان مثل الذئب. يبتسم أحيانا كأنه أَمونْياك متجمد.
كان منطقيا وموضوعيا.
استدعوه ليشارك في الحرب الاستعمارية والوطنية لكوكب الشمس.
رفض.
أرسلوه ليصبح بطلا في "برورورسيون 5".
لم يذهب.
ألحوا عليه.
وضع قنبلة هيدروجينية قرب جبل "إفرست" ثم حول الكرة الأرضية إلى رماد.
غادر، بعد ذلك. ذهب إلى "برورورسيون 5".


ماريو إنريكي ليريا : قصص جين طونيك، دار النشر إسطامبا، لشبونة، 1973.

عن الفوانيس القصصية

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

9 من أفضل روايات أمريكا الجنوبية ننصحك بقراءتها

من البرازيل وحتى المكسيك، من تشيلي لبيرو ومرورًا بكوبا والإكوادور، في تلك البلاد والمجتمعات التي عانت كثيرًا من الاستعمار وقاومت لعقود عبر عشرات الثورات، من تلك البلاد الساحرة والمجتمعات الثرية بالحكايات كان أدب أمريكا اللاتينية جديرًا بالتبجيل والانتشار . ذلك الجمال الأدبي الساحر، والقصص والحكايات الإنسانية التي أبدع كتاب أمريكا الجنوبية في نسجها. ومن آلاف الكُتاب وعشرات الآلاف من الكتب والروايات الساحرة المنتمية لتلك البيئة نرشح لكم تلك الروايات التسعة .

المترجم عمر بوحاشي: الترجمة من الإسبانية للعربية تعرف قفزة نوعية بفضل ظهور جيل من المترجمين وتحديدا في شمال المغرب

حاورته: إيمان السلاوي يكشف المترجم المغربي عمر بوحاشي، في هذا الحوار، آخر أعماله المترجمة التي تهم رواية "الكوخ" للكاتب الإسباني بيثينتي بلاسكو إيبانييث، وكذلك عن إصداراته الأخيرة، ويقدم رؤية عن واقع الكتب المترجمة من الإسبانية إلى العربية في المغرب التي يعتبرها ذات مستقبل واعد . والمترجم حاصل على جائزة الترجمة من المعرض الدولي للنشر والثقافة بالدار البيضاء سنة 2014، عن رواية بعنوان "لسيدة بيرفيكتا" للكاتب المخضرم، بينيتو بيريث غالدوس، يؤكد أن “الترجمة تخلق نوعا من التفاعل الثقافي، وفتح الحوار بين الحضارات، وتساهم في انفتاح الشعوب على بعضها لتتعارف أكثر”. ويعتبر بوحاشي من جيل المترجمين الذين نقلوا أهم الكتب الإسبانية التي ساهمت في تشكيل المغرب في المخيلة الإسبانية خلال العقدين الأخيرين. فقد ترجم رواية "عيطة تطاون" لبينيتو بيريث غالدوس التي تعتبر منعطفا في الروايات التي كتبت حول المغرب لأنها تميزت بواقعية لم يعتدها الإنتاج الأدبي الإسباني حول الجار الجنوبي للإسبان .

عرض لكتاب "رحلة في جماليات رواية أمريكا اللاتينية"

صدر عن اتحاد الكتاب العرب بدمشق، 2007 تأليف د. ماجدة حمود   يجول هذا الكتاب عبر جماليات روايات من أمريكا اللاتينية، التي احتلت مكانا هاما في الساحة الثقافية العالمية، خاصة أن الباحث يحس بوشائج قربى مع هذا الأدب الذي يشاركنا في كثير من الهموم السياسية والاجتماعية والاقتصادية (التخلف، الاستبداد، الهيمنة الغربية...) ومع ذلك استطاع إبداع أدب أدهش العالم وما يزال! لهذا ليس غريبا أن يحصد أدباؤها كما كبيرا من الجوائز العالمية، قد منحت جائزة (نوبل) لشعراء (غابرييلا 1945، بابلو نيرودا 1971، أوكتافيو باث، 1990...) كما منحت لروائيين (ميغل أنخل أستورياس 1967، غابرييل غارثيا ماركيز 1982...) وقد رشح لهذه الجائزة أيضا كل (ماريو فارغاس يوسا) و (إيزابيل الليندي) بالإضافة إلى ذلك منحت جائزة ثرفانتس لعدد كبير منهم (كارنتيير 1977، بورخس 1979، أونيتي 1980، باث 1981، ساباتو 1984، فونتيس 1987، بوي كساريس 1990...) تحاول هذه الدراسة أن تجيب على التساؤل التالي: لِمَ تفوق هذا الأدب الذي ينتمي مثلنا إلى العالم الثالث، ووصل إلى العالمية رغم تخلف بلدانه؟ وقد اخترت تركيز الأضواء على جنس الرواية في أ...